مع تنوع التحديات والجهود ومع الأزمة العالمية التي اعترت العالم خلال العامين الماضيين، طفت على السطح لدينا أزمة حقيقية، تنبأت بها الأغلبية لأنها كانت نتيجة منطقية للجائحة التي اجتاحت العالم، ألا وهي ضعف المستوى العلمي واللغوي لدى كثير من الطلبة والطالبات.
فعلى الرغم من كل التحذيرات التي أطلقتها وزارة التربية ومعها المختصون، بضرورة عدم تدخل أولياء الأمور في سير العملية التعليمية في نظام التعليم عن بعد، إلا أن أغلب أولياء الأمور ومع الأسف أفسدوا مضمون وجوهر التعليم عن بعد، فما فائدة الأفعال التي كان يقوم بها أغلب أولياء الأمور في الحضور مكان الطالب بالفصل الافتراضي أو حل الواجبات والامتحانات نيابة عنه، فالكل كان يفكر في الدرجات والنجاح على حساب التحصيل العلمي للطالب، فالتعليم ليس الهدف منه هو نيل الدرجات العالية للدخول في تخصصات ذات رواتب مرتفعة وحسب بل الهدف منها هو التعلم، وأولى أساسيات التعلم هي إجادة اللغات كتابة وقراءة، وأن يكون لدى المتعلم ثقافة تمكنه من إدراك المفاهيم الجديدة التي سيكتسبها مستقبلا.
لكن ضعف اللغات وما يصاحبه من ضعف بالقراءة والكتابة مؤشر على ضعف التعليم لدى الشخص، وهو الأمر الذي يشتكي منه أكثر أساتذة الجامعات حين يصححون الاختبارات فيجدون ضعفا كبيرا لدى الطلبة والطالبات في اللغتين العربية والإنجليزية حتى إنهم يتعمدون إنجاح الطلبة وبعضهم لا يستحقون فقط لأن الأغلبية على هذا المستوى الضعيف.
ولم يكن ينقصنا في دولنا الخليجية مجتمعة إلا هذا الوباء حتى يزداد الوضع سوءا لدينا ويخلق جيل أطفال جديدا يعاني من ضعف أشد مما كان عليه الطلبة والطالبات في السابق.
إلا أن هذه الأزمة حقيقة تستوجب تضافر جهود وزارات التربية في دول مجلس التعاون الخليجي وتبادل الخبرات بين دول المجلس حتى نتمكن من إنقاذ هذا الجيل مما يعانيه من ضعف التعليم.
نحتاج حقيقة دراسة وافية وممنهجة في كيفية إكساب الطلبة ما فقدوه خلال الجائحة، لذا نجد أن التعاون المثمر والبناء بين دول المجلس في مثل هذه القضية أمرا مفيدا لأن ما حدث ظاهرة عامة تعاني منها كل المجتمعات الخليجية، وقد يكون ما سبب هذه الظاهرة المشتركة هو تماثل عقلية المواطن الخليجي بشكل كبير، فالمجتمعات الخليجية تفكر بنفس الآلية تقريبا ويمارسون نفس العادات الخاطئة في تربية الأبناء، وقد يكون ذلك لأن المرأة الخليجية تحديدا تمتاز بالحنان والعاطفة والاهتمام الزائد بأطفالها حد الإفراط في التدليل وهذا ما جعل من الأجيال الشابة الحالية اتكالية لأنها لم تتعلم الاعتماد على ذاتها منذ الصغر فالإفراط في التدليل له آثار سلبية كثيرة.
ومن هذا المنطلق نتمنى تضافر الجهود بين الكفاءات التربوية والاستعانة بالمتقاعدين في دول مجلس التعاون لوضع آلية لتقوية ضعف الطلبة وحقيقه قد تكون أفضل دولة خليجية مخرجاتها حقيقه في اللغة العربية قوية هي المملكة العربية السعودية وذلك لأن مناهج اللغة لديهم قوية خاصة انهم يعتمدون على تدريس الأطفال من المصحف، وهذا ما كان له أثر كبير في خلق جيل كامل من الطلبة السعوديين لغتهم ولله الحمد قوية، ونتمنى أن تعمم التجربة ويكون هناك تبادل للتجارب بين الدول.
فحبذا لو تم أخذ عينات عشوائية من الطلبة في دول مجلس التعاون وإخضاعهم لاختبارات قياس نقاط الضعف، التي يعاني منها الطلبة في كل مجتمع حتى يتم التركيز على تقويتها، فما نحتاجه في الكويت قد يكون مختلفا عن بقية الدول.