كثر الجدل في الآونة الأخيرة حول القرار الذي اتخذته وزارة التربية حول فرض امتحان الآيلتس للقبول في البعثات الخارجية فشهدت الساحة المحلية تجاذبات متعددة في الرأي بين مؤيد ومعارض وقد اعتبر البعض أن القرار مجحف إلا انه في الحقيقة أسلم قرار اتخذته وزارة التربية في الآونة الأخيرة والذي ما جاء إلا نتيجة تراكم عدد حالات الفشل والتعثر الدراسي من قبل الطلبة وتحميل الأهالي ميزانية ضخمة لسداد الديون الخاصة بالبعثة التي تعثر بها أبناؤهم الطلبة.
إن الانتقال من لغة دراسية إلى أخرى يعتبرها البعض أمر هين وأنها مع قليل من التمرين سيتمكن الطلبة من الدراسة وفهم المواد مع قليل من التركيز، وهذا الأمر ليس بالهين وقد قمنا مرارا وتكرارا بمناشدة وزارة التربية بضرورة تدريس المواد العلمية في المرحلة الدراسية ما قبل الجامعة باللغة الإنجليزية حتى يتمكن الطلبة من تكملة مشوارهم التعليمي الجامعي بكل يسر وسهولة دون تعثر وتسرب تعليمي، ما يؤدي الى العديد من العقبات لاحقا.
فقد يعتقد البعض أن المواد الدراسية والمناهج الدراسية تتناسب مع مستوى الطلبة في اللغة الإنجليزية فيما بعد مرحلة الثانوية وهذا أمر خاطئ، وذلك لأن المناهج التي يتم تدريسها للطلبة الذين لا يعرفون الإنجليزي والطلبة الذين هم لغتهم الإنجليزية الأم واحدة فكتب الرياضيات والعلوم وغيرها هي ذاتها في كل الجامعات فالمناهج واحدة، وبالتالي فإن من يتقنون الإنجليزية بالتأكيد لا تصعب عليهم، اما من لا يعرف الإنجليزي والمصطلحات المعقدة المكتوبة في الكتب فكيف له أن يعرف ما المقصود في الكتاب وكيف له أن يتمكن من فهم الشرح في المحاضرات؟ بالتأكيد لن يستطيع، وهذا ما اسفر عن فشل وتعثر العديد من الطلبة وتحميل أهاليهم أعباء وتكلفة البعثة.
البعض قد يجد أن هذا فيه إجحاف، وبذلك فإن طلبة المدارس الخاصة بالتأكيد هم من سيتفوقون، وأن الأمر بالتالي حرم طلبة التعليم الحكومي من الحصول على بعثات، وهذا أمر غير صحيح فحل الأمر بالتأكيد بيد الطلبة أنفسهم من خلال القراءة للصحف والمجلات الإنجليزية ومشاهدة البرامج الأجنبية وهذه مع وجود اليوتيوب والفضائيات بات أمرها سهلا، فأنا أعرف طلبة تخرجوا بامتياز من الثانوية ولكنهم غير متمكنين من اللغة الإنجليزية ففشلوا في الجامعة وفي المقابل تمكن طلبة آخرون حصلوا على معدل جيد جدا في المرحلة الثانوية ولكنهم كانت إنجليزيتهم قوية من جراء مشاهدة الأفلام الأجنبية والقراءة فتمكنوا من تكملة مسيرتهم العلمية.
لذلك نحن نقول أن الملعب في مرمى طلبة المرحلة الثانوية فيفترض أن يقوموا بقراءة الصحف الأجنبية يوميا وعلى مدار الثلاث سنوات فسيتمكنون من الحصول على امتحان الآيلتس بكل سهولة.
حتى أن هذه مناسبة لنطالب من جامعة الكويت بأن تطبق هي أيضا امتحان قبول على الطلبة قبل بدئهم دراسة المواد العلمية التي باللغة الإنجليزية والتأكد من أنهم تمكنوا من اللغة قبل أن ينخرطوا في المواد الدراسية حتى لا تتكرر نسبة التسرب التعليمي من الجامعة كما هو حاصل بشكل مستمر في جامعة الكويت مع انخفاض المعدلات لكثير من الطلبة.
إن التعليم في الكويت يواجه أزمة كبيرة ونحن بالتالي بحاجة الى وقفة جادة من وزارة التربية والتعليم العالي بالتنسيق مع المجلس الأعلى للتخطيط لوضع حد لمثل هذه المشاكل المستمرة والتي باتت تطفو على السطحو فالعملية بحاجة إلى غربلة في سياسة القبول في كليات التربيةو بالإضافة إلى عناية خاصة في انتقاء المدرسين الوافدين بالإضافة إلى غربلة المناهج وتصميمها بما يتناسب مع مستجدات العصرو فحقيقة وزارة التربية والتعليم هي عصب الحياة في كل دولة، فبدون ان تكون هناك خطط ومناهج وسياسات واضحة للتعليم ابدا لن نتمكن من معالجة السلبيات التي تطرأ على الساحة التعليمية بشكل مستمر، هذا فضلا عن تطوير مستوى الطلبة.