صادف منذ يومين، الذكرى المشؤومة، ألا وهي ذكرى الغزو الصدامي على الكويت، ذلك اليوم الذي سيبقى محفورا في ذاكرة كل كويتي عايش تلك اللحظات العصيبة، إلا أن مثل تلك الأحداث والذكريات تجعلنا نلقي بظلالنا على تخصص العلوم السياسية فإلى أي درجة يتم تحديث مقررات هذا التخصص بين الفينة والأخرى وبالأخص أن تخصص العلوم السياسية من الضروري ان تكون مقرراته شبه ثابتة في مختلف جامعات العالم نظرا لأن الأساس هو تخريج طلبه على علم بالسياسة والعلاقات الدولية وكيفية صياغة الحلول والمفاوضات في القضايا التي تطرأ على الساحة الدولية.
فعلى سبيل المثال نجد ان ذكرى الغزو الصدامي على الكويت هذه قد تكون إحدى أبرز القضايا الدولية التي شغلت العالم لعقود إلا ان مثل هذه الجريمة لا نجدها في كثير من المواد المقررة على طلبة تخصص علوم السياسية حول العالم على الرغم من انها من أبشع الجرائم التي من الضروري تكييف وصياغة الحلول والحول دون الوقوع بها مجددا فكيف لنا أن نحمي شعوب العالم من الجريمة السياسية فهذه من الضروري ان تطرح في الجامعات وتصاغ لها مؤلفات متعددة ليكون لدينا محللون سياسيون على قدر عال من المهارة والكفاءة والقدرة على المفاوضات بالإضافة إلى التحليل والاستنباط والوصول الى حلول عملية لأبرز القضايا الدولية.
هذا فضلا على أن الجرائم السياسية التي ترتكب من الضروري ان يتم تأريخها ويتم تدريسها في الوقت نفسه بصورة موحدة حتى لا يتم مستقبلا تزييف الوقائع والحقائق من جانب آخر فإن حصر الجرائم السياسية في أكثر من مقرر يساعد الدارسين كثيرا على اكتساب المهارات الكافية في فهم كيفية صياغة الحلول للأزمات السياسية من خلال التجارب العملية السابقة وكيفية صياغة كبار الساسة للحلول المثلى ومتى يتم اللجوء للحل العسكري ومتى يتم استغلال الحل الاقتصادي والحصار وكثير من القضايا الأخرى من خلال استعراض التجارب والأحداث الماضية والحلول التي وضعت والنتائج التي أسفرت عنها هذه الحلول، فعلى سبيل المثال هناك دول تم التدخل العسكري بها وكان التدخل العسكري فيها ناجحا ولكن تم التوقف عن إيجاد حلول للازمات التي طفت على الساحة فيما بعد السقوط العسكري وهذه من الضروري ان يكون لخريجي العلوم السياسية دور كبير خلالها للتمكن من معالجة مخلفات الأزمات العسكرية والاقتصادية وغيرها من الأزمات سواء أكانت محلية أو دولية.
فهناك على سبيل المثال نوابغ في السياسة إلا انهم لا يؤرخون أفكارهم والحلول التي استخدموها لمساعدة الأجيال القادمة من الدارسين والمتخصصين في العلوم السياسية من الاستفادة من تلك الخبرات والإضافة إليها وتطويرها للمضي قدما نحو مستقبل سياسي أفضل سواء على الصعيد المحلي أو الدولي.
إن مشكلة أغلب الجرائم السياسية التي ارتكبت على مر الأزمنة غالبا ما يتم تزييفها وتحريفها وإذا ما نقلت بصورة واضحة يتم إخفاؤها مع الخجل من الوقوف أمام تلك الحقائق ونقلها بصورة واضحه للشعوب لتلافي أخطائها وعدم الوقوع بها مستقبلا.
قد يعتقد البعض ان الجرائم هي فقط على صعيد القتل والسرقة وما شابه ولكن هناك جرائم أخرى من الضروري ان يتم حصرها ومواجهتها وتدريسها للحؤول دون ان تقع أو ان تتكرر في المستقبل.
أعرف تماما أن معالجة الجرائم أمرها غير ممكن لأنها مرتبطة بالنفس البشرية وهناك من البشر من لا يعرف كيف يعيش بسلام وهدوء دون ان يؤذي الآخرين ولكن الحلول أجمعها سواء أكانت سياسية أو قانونية بيد صانعي القرار من خلال مواجهة هذه الجرائم وتغليظ العقوبات ليتم ردع من تسول له نفسه في المستقبل إيذاء الآخرين سواء على مستوى الشعوب أو على الصعيد الشخصي وبذلك نكون بحاجة ماسة إلى تكثيف الأبحاث والنظريات للتمكن من معالجة هذه الأزمات.