من الجميل أن تبدأ الدولة بالتخطيط لأبعد من المدد السابقة التي كانت قصيرة المدى ولا تتجاوز الخمس سنوات في الغالب، ولعل التوجه الحالي الذي تسير عليه دولتنا هو توجه العالم، بحيث أثبتت التجارب أن الاقتصاديات المتينة لا بد ان يتم الإعداد والتحضير لها من خلال مدد زمنية أطول حتى تتم دراستها والبدء في تنفيذها لتحقيق الأرباح والنجاح من جراء هذه الخطة.
وعلى الرغم من كل الإعلانات التي تناولت رؤية 2035 والتي تسعى الدولة من خلالها لتحويل الدولة إلى مركز مالي واقتصادي فإن الأموال التي سيتم تنفيذ الرؤية من خلالها لم يتم التطرق إلى كيفية طرق التمويل.
بحيث لو كان سيتم تمويلها من المال العام الذي يرتكز بصورة رئيسية على عائدات النفط فهنا نستطيع ان نؤكد ان الخطة قد تتعرض لإخفاقات متى ما تم التمويل من عائدات النفط، وذلك نظرا لتذبذب أسعار البترول بين الصعود والهبوط المفاجئ والذي بدوره يؤدي إلى وقوف القائمين على الخطة عاجزين عن توفير التمويل اللازم لها.
وعليه فإن نجاح الرؤية يستلزم ان يتم التمويل من الاستثمار في القطاع الخاص بالدرجة الأولى بحيث يتم جذب المستثمرين وبالأخص الشركات العالمية للاستثمار مع تقديم تسهيلات للشركات الوطنية التي لديها ملاءة اقتصادية، وبذلك فهي في هذه الحالة ستكون بمنأى عن التقلبات الاقتصادية نظير ان رؤوس الأموال التي سيتم استثمارها موجودة مسبقا من عائدات الاقتصاد الخاص.
فلابد أن تكون رؤوس الأموال موجودة قبل البدء في تنفيذ خطة المشروع، وذلك حتى نضمن أن المشاريع التي ستتم بالمنطقة الاستثمارية سيتم الانتهاء منها في المدد المقررة مسبقا لذلك دون أي تأخير.
فالمشكلة التي تعترينا أن تأخر تنفيذ المشاريع هو الذي يثير استياء الكثير من الطوائف وتبدأ النيران تنفتح على الحكومة وتبدأ الاستجوابات تنهال على الحكومة للسؤال عن تداعيات تأخر المشاريع.
فرؤية 2035 نريدها أن تعيد الثقة بالمشاريع الحكومية، وأولى الخطوات التي تعيد هذه الثقة هو الانتهاء من التنفيذ في المواعيد المقررة مسبقا دون تأخير او أخطاء تعرقل التنفيذ كما حدث لنا على سبيل المثال في الكثير من المشاريع ولنا على سبيل المثال جامعة الشدادية ومستشفى وستاد جابر، فجميع هذه المشاريع كانت حديث وسائل الإعلام وبوابة نيران على الحكومة عن تداعيات التأخير.
فلا نريد ان تكون المشاريع تسير ببطء وذلك حتى يتسنى لنا أن نقفز بالاقتصاد ونسبق الكثير من الدول التي لديها مثل هذه التوجهات فتكون السابقة لنا.
هذا فضلا عن البعد في تنفيذ الرؤية عن أي تقلبات في الأحداث السياسية سواء المحلية او الدولية بحيث لا بد ان تكون هذه الرؤية توجهاتها اقتصادية وتركيزها اقتصادي بالدرجة الأولى دون الالتفات لأي أحداث سياسية قد تؤثر سلبا على المشروع.
فلا نريد في حالة استقالة الحكومة على سبيل المثال أو حل المجلس أن يتم تعطيل المشروع بل لابد أن تكون الرؤية تسير بخطوات ثابتة لتحقيق أهدافها المرجوة.