نبدأ في الفصل التشريعي المقبل البداية في نهايات العمر الافتراضي للبرلمان في دورته فمع الكثير من الإنجازات التي حققها البرلمان مع الوعي السياسي الذي وجدناه من الأغلبية والطرح الراقي في الاستجوابات مع عدم شحن الشارع السياسي في قضايا تحل في البرلمان، بل كان اللجوء للأدوات الدستورية مع تقبل النتائج سواء في الاستجوابات أو التصويت على اقتراحات ومشاريع القوانين.
وقد يكون أبرز ما يميز هذا المجلس أيضا عن سواه أنه يطغى عليه الشباب الذين أثبتوا احترافيتهم في العمل السياسي مع أن الأغلب منهم تعتبر هذه التجربة الأولى له، ومع تمنياتنا بأن يكمل البرلمان الحالي فصله التشريعي الأخير حتى نقول إن العمل السياسي في الكويت بدأ يدخل مرحلة النضج والاحترافية سواء من قبل البرلمان أو الحكومة مع عدم إغفال الروح الرياضية التي اتسمت بها الحكومة في طريقة معالجتها للاستجوابات والردود والأخذ بالتوصيات.
وكما ذكرنا مسبقا أن العمل الحكومي اليوم مع تفعيل أدواته البرلمانية بات يوفر على المجلس الكثير من الملاحظات نظرا لأن الحكومة باتت تنقي أجهزتها الحكومية بصورة مستمرة من أي شبهات فساد أو تجاوزات وهو الأمر الذي يحتسب للحكومة.
إلا أن أكثر ما نحرص عليه سواء من الحكومة أو البرلمان هو ضرورة التمسك بما جاءت به المادة 50 من الدستور التي تنص على «يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لأحكام الدستور ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصاتها المنصوص عليه في هذا الدستور»، ونجد أن نص المادة 50 واضح بحيث شدد على ضرورة فصل السلطات مع ضرورة احتفاظ كل سلطة بما أفرد لها من صلاحيات من قبل الدستور.
لذلك كل ما نطمح إليه في هذه السنة المقبلة أن يتم تفعيل هذه المادة بحيث لا نرغب في أن تتخلى السلطة التشريعية عن حقها التشريعي الذي بتنا نجده قليلا جدا مقابل مشاريع القوانين المقدمة من قبل الحكومة فأغلب القوانين التي يتم التصويت عليها تكون من رحم الحكومة وهذا مخالف لما جاء به الدستور، حيث لم يفرد الدستور صلاحيات واسعة للحكومة في التشريع إلا في أضيق الحدود، لذلك نجد أن بعض القوانين التي تم تشريعها في بعض المراحل بعضها بالغت فيه الحكومة في العقوبات التي تم نصها لمخالفي القوانين وهذا لم نجد منه وقفة من البرلمان، على الرغم من أن ذلك الأمر من صميم العمل البرلماني في ضرورة مراجعة القوانين وغربلتها لمزيد من الحريات ومزيد من صون وحماية الحقوق الشخصية التي كفلها الدستور للأفراد.
فهناك قوانين تلقى رواجا شعبيا لم يتم قبولها أو التصويت عليها سوى قانون التقاعد المبكر الذي ولد غامضا ولم يتم تحديد الشرائح التي ستستفيد من هذا القانون بحيث نجد أن المؤسسة العامة للتأمينات ذكرت في إحدى المناسبات أن عدد المستفيدين من هذا القانون قليل على الرغم من أن الرغبة النيابية كانت في منح فرصة التقاعد المبكر لكل من يكمل العشرين عاما، لذا كل ما نتمناه أن يتم التركيز على تمرير القوانين التي تكون في مصلحة المواطن، وألا يشهد هذا الفصل أي استجواب.