إن ما آل إليه واقعنا السياسي أمره محزن للغاية، فإلى متى ستستمر العلاقة بين السلطتين على هذا الحال؟ فلا يوجد استقرار للحكومة على الإطلاق، ولا يوجد في المقابل استقرارا للبرلمان، وكلاهما يمثل عصب الحياة السياسية لدينا، لا أعلم حقيقة إن كان يعلم أعضاء السلطتين أن ما يصدر عنهم من أقوال وأفعال ينتشر على الفضائيات وكل الوسائل الإعلامية الداخلية والخارجية، فالعالم كله يشهد هذه الحالة التي لدينا، ولا أعلم إن كان يعلم أعضاء السلطتين أن هناك من يسخر من واقعنا السياسي ويعتبرون ان الديموقراطية لدينا فاشلة، فمن يحب الكويت والكويتيين يسأل لنا العافية، ومن يكرهنا بالتأكيد فهو يتشمت بنا.
اليوم استجواب تلو الآخر واستقالة تلو الأخرى، ولكن السؤال الذي نطرحه كمواطنين: إلى متى سيستمر هذا الحال الذي نعيشه؟ نريد أن نشهد استقرارا سياسيا، أليس ذلك بالممكن؟ البعض يقول ليس ممكنا ولكن متى ما اعتقد البعض أنه غير ممكن فهل له أن يدلي بأسبابه؟ إن الاستقرار السياسي بأيدينا، نحن من نحقق الاستقرار، ونحن من ننزع الاستقرار إذا ما تم تغيير العقلية التي نفكر بها، فلو آمن كل سياسي في العمل السياسي لدينا بدوره وقام به على أكمل وجه لما شهدنا كل هذه الأزمات السياسية، فالنائب دوره أن يراقب الخلل الحكومي إن وجد ويستخدم أدواته الدستورية في حال ثبت له تواطؤ الوزير لتمرير معاملات مشبوهة أو تورط الوزير بالفساد هنا يحرك النائب أدواته الدستورية حماية للمال العام وحماية لمستقبل الكويتيين، ولكن أن يتم التعسف باستخدام الأدوات الدستورية لأن الوزير لا يعجبني فهنا بالتأكيد التفكير بمثل هذه العقلية أبدا لن يحقق الاستقرار.
بيد أننا من جانب آخر ما نحتاج إليه في هذه الفترة حقيقة هو أعضاء من الحكومة يملكون شعبية واسعة لأن هذه الشعبية ستحقق الاستقرار السياسي، فلو أن الوزراء يملكون شعبية حقيقية بالبرلمان أو لدى شريحة كبيرة من المواطنين بالتأكيد أغلب هذه الاستجوابات لن نشهدها، فليس المهم في الوزير أن يملك شهادة ويملك المال والنفوذ ليتم توزيره، بل الأهم أن يملك الشعبية على مستوى الدولة، وإن لم يكن قد اكتسبها قبل التوزير فمن الضروري أن يكتسبها بعد التوزير لأن هذا ما سيجعل له قبولا لدى البرلمان ولدى المواطنين.
فاليوم كما يحتاج النائب شعبية وعددا من الأصوات ليصل لمقعد البرلمان التي في المقابل قد يخسرها متى ما خسر شعبيته نحتاج في المقابل أعضاء الحكومة أن تكون لديهم شعبية وقبول لنتمكن من الوصول للاستقرار السياسي، فالشعبية لدى أعضاء مجلس الأمة سيف ذو حدين، فقد تفقده مواقفه السياسية بعد فوزه في الانتخابات شعبيته لدى أبناء دائرته وقد تكسبه.
فنحن في الكويت ما يعنينا كمواطنين سواء من الحكومة أو البرلمان أن يكون هناك من يتواصل مع الشعب ويستشعر همومهم وحاجاتهم ويرفع الظلم عنهم متى ما تعرضوا للظلم أكثر من الشهادات العليا، وهذه حقيقة والواقع أثبت ذلك، فهناك الكثير من النواب لا يملكون شهادات ولم يساهموا بأي تشريع، إلا أنهم أعضاء منذ سنوات في البرلمان لأن لديهم شعبية كبيرة لدى أبناء دائرتهم، فالنائب الذي يتواصل مع أبناء دائرته ويستمع لمشاكلهم ويحاول حل مشاكلهم هذا ضمن مقعده في البرلمان، وهذا ما نحتاجه أيضا من الوزراء ليتحقق الاستقرار.