مرارا وتكرارا شددنا على ضرورة مراجعة القوانين والتشريعات حتى لا يكون بينها تناقض أو تضارب في المصالح وحتى تجاري مستجدات العصر.
إلا أنه وكما هو متعارف عليه المشرع في الكويت يحرص على الرقابة بشكل كبير ويرمي على الحكومة مسؤولية التشريع وهو الذي لابد ان يكون مقيدا وليس مفتوحا كما نجده اليوم، حيث الأصل في العمل الحكومي هو التنفيذ لأنها سلطة تنفيذية وليست تشريعية، ولكن تداخل الاختصاصات بهذا الشكل أفقد بشكل كبير أهمية دور المشرع واختزله في الحكومة، فهي التي تنفذ وهي التي تشرع في الغالب وتأخذ موافقة البرلمان على ما تقترحه من تشريعات.
وأغلب التشريعات التي يتم اقتراحها من قبل أعضاء السلطة التشريعية لا تتواكب مع مجريات الحياة وطبيعتها في الكويت والكثير منها خارج عن نطاق التطبيق وغير ممكن تطبيقه.
إلا أننا نلتمس من السادة الأعضاء في ظل هذه الظروف التي نعيشها مع كورونا وتعطل الحياة المهنية في الكويت أن تتم مراجعة القوانين وغربلتها واكتشاف الأخطاء الموجودة فيها لتعديلها.
ولنا على سبيل المثال وليس الحصر نجد أن قانون التجارة الكويتي حصن شركة المحاصة وهي من فئة شركات الأشخاص وعلى الرغم من انها غير قانونية إلا انه كفل لها حقوقها وحصنها وضمن حقوق الشركاء فيها على الرغم من مخالفتها للقانون، وعليه يجب ألا يعترف بأي شركة لا تلتزم بالمعيار الشكلي المنصوص عليه في قانون الشركات حتى لا يفتح المجال للمعاملات غير القانونية.
فنجد أن شركة المحاصة وعلى الرغم من انها شركة مستترة خفية وغير قانونية إلا أن المشرع ضمن للمتعاملين حقوقهم، وقد كانت بداية مثل هذه الشركات في الفترة التي كانت الحكومة تمنع العاملين لديها من ممارسة العمل التجاري فيلجأ البعض لممارسة التجارة بالخفاء بأسماء أصدقائه او عائلته ويتقاسم الربح معهم ولا يمثل الشريك الخفي لهذه الشركة بأي محفل ولا يوقع أي عقود إلا أنه متى ما شب خلاف بينه وبين الشريك الظاهر فهنا يلجأ للقضاء ويطالب بكل حقوقه تحت مسمى شركة المحاصة.
وعلى الرغم من ان المشرع منذ زمن ليس ببعيد قد فتح المجال لموظفي الحكومة بافتتاح شركة الشخص الواحد وكمحاولة للحد من شركة المحاصة إلا أن القانون الذي يحمي تحت مظلته شركة المحاصة مازال موجودا لم يلغَ.
فقد يكون العذر سابقا بأن المنع موجود لدى الفئة التي تمنعها الحكومة من مزاولة العمل التجاري، ولكن اليوم وبعد فتح المجال أمامهم تحت شركة الأشخاص أصبح واجبا أن يتم منع شركة المحاصة وإلغاء قانونها حماية لغير حسن النية ومنعا لأي أعمال تقع في الظل، وخصوصا ان أول أساسيات تأسيس الشركة هو ضرورة أن يكون هناك عقد مكتوب ومشهر لدى هيئة أسواق المال ولدى وزارة التجارة وما يفرضه القانون على أصحاب الشركات من التزامات، وعليه فإن وجود مثل قانون شركة المحاصة يعطل الأعمال بشكل كبير ويهدر وقت القضاء في عملية الإثبات متى ما رغب طرف إثبات حقوقه.
وهذا من الضروري أن يتغير، حيث لا نريد أن تكون هناك أعمال في الظل والخفاء، واليوم العالم يسير نحو التقدم والمعاملات الإلكترونية وغيرها، وعليه فلا مبرر من وجود مثل هذا القانون اليوم.
تضارب التشريعات في القانون الواحد يحدث ربكة كبيرة، وعليه فمن الضروري ان تتم ممارسة العمل التجاري بشفافية ووضوح ووفق القانون دون أن تكون هناك إدارة واقعية للشركة وأخرى خفية.