للحياة البشرية قواعد أساسية تحكم تطورها ومراحل رقيها فكلما علت بالمبادئ والأخلاق السليمة تعلو حضارتها، فالأخلاق والفضيلة هما أساس الحضارة ولنا في حضارتنا الإسلامية وغيرها من الحضارات الإنسانية دلائل نستند اليها، وفي زمننا الحالي نعيش ظاهرة خطيرة أخذت تؤثر سلبا على تعاملات البشر ألا وهي الانفلات الأخلاقي فلم تعد هناك معايير أو مبادئ ملزمة للأفراد.
نشاهد وباستنكار انتشار الكذب وأساليب اللف والدوران وهو ما يعرف بالشطارة عدا خيانة الأمانة والغش بكل أنواعه كالغش في الحديث وفي الامتحانات وفي الجنسية والشهادات الجامعية والمسبحة تجر حبات لأنواع الغش لا نعلم نهايتها، والحقد والغل والحسد وأكل أموال الناس بالنصب والاحتيال بالإضافة للرشوة والسرقة واغتصاب الحقوق والاعتداء على المال العام وترويع المواطنين بنشر الإشاعات والأخبار المزيفة وتزايد حالات انهيار الأعصاب عند أبسط الخلافات ليبدأ سيل الشتائم والسب وقد يصل الأمر للضرب.
أما الأسر الصغيرة فنجد تزايد حالات عقوق الوالدين وقطيعة الرحم والتنصل من المسؤوليات وارتفاع معدلات الطلاق وعدم تقدير الكبار سواء بالعمر أو المركز، ويستندون بذلك إلى المفهوم الحديث للحرية والديموقراطية فأنا من حقي أن أفعل ما أشاء لأنني أمارس حريتي الشخصية ولا يحق لكائن من كان أن يمنعني بالقول أو بالفعل ومع انتشار مفهوم الفردية في الحياة أصبحت الأخلاق الجماعية كالثوب القديم البالي الذي نخجل من أن يراه الناس علينا، وهكذا قلبت الحقائق وبات الإنسان مجرد خادم لشهواته ورغباته وتحكم الجانب المادي والاهتمامات الدنيوية في العلاقات والأعمال، حتى أصبحنا نرى بعض الشباب وكأنهم يعيشون في برج عاجي مكتفين بأنفسهم وأجهزتهم الإلكترونية ويريدون من يصرف عليهم ويخدمهم حتى لو استدعى الأمر أن يصرخ ويضرب والديه أو زوجته وأبناءه وقد يتطاول على الآخرين ما تسبب في برود تام في العلاقات الإنسانية.
هذه الظواهر المريضة تعتبر معول هدم لثقافة المجتمع وعاداته وتقاليده التي توارثها ما يؤدى لزعزعة أمن المجتمع وتماسكه، فانهيار الأخلاق مرادف لانهيار منظومة القيم والمبادئ والمثل التي تحمي المجتمع، وقد يتسبب انتشارها في تنشئة جيل أناني ضائع لا يعرف من المبادئ والأخلاق إلا اسمها.
الأزمات والتحديات سنة من سنن الحياة الإنسانية ولكن التروي والحكمة والتفكير السديد تنجح في تجاوزها وهذا لا يتأتى بالفردية المطلقة، بل بالاتحاد الجماعي فهو مصدر القوة، لذلك كان من الضروري سن قوانين وأنظمة تحافظ على مبادئ المجتمع وقيمه وأخلاقه وتعزيز الجانب الديني فالإسلام دين الأخلاق والمبادئ والمعاملة الحسنة ولنا في سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عبر ودروس، فنحن أصحاب دين سماوي جعل العمل عبادة، إنها أمانة خلافتنا في الأرض وحماية لحقوق الأجيال القادمة، فهل من مدكر؟
[email protected]