لعلكم سمعتم عن هذه الحرب الباردة بين أميركا وإيران هذه الأيام، حرب تصريحات تزداد سخونتها مع الأيام ومع كل قطعة عسكرية جديدة بحرية او جوية تدخل خليجنا المتوتر وتتمركز في قواعدها مع الاستعداد التام للقتال، على الرغم من تصريحات المسؤولين في كلا البلدين بأن الحرب مستبعدة، الا ان هذه الحشود التي تزداد في كل أسبوع لم تأت من فراغ بل لسبب وجيه، يهمني انا شخصيا في هذا المقال حال دول الخليج العربي اذا لا قدر الرب وقعت اشتباكات او بدأت الحرب، كيف سيكون حالنا في هذا الخليج الهادر؟ وبالتحديد كيف سيكون حالنا هنا بالكويت؟
في الأوقات العصيبة التي تمر بها الأمم والشعوب خلال الأزمات الداخلية والإقليمية، عادة لا ينجو الا القوي، والقوة بالاقتصاد، انا هنا لا أتحدث عن القوة العسكرية، دول عديدة اكبر منا حجما وعتادا عسكريا ولكنها انهارت بشكل مفاجىء وخلال ايام وحتى بلمح البصر، انا الآن أتكلم عن القوة الاقتصادية، الاقتصاد الحقيقي القائم على التصنيع والاكتفاء الذاتي وليس الاقتصاد (الورقي) القائم على الاستثمارات الخارجية غير المدروسة والاكتتابات والسندات والأوراق المالية التي لا تسمن ولا تغني من جوع عند الشدة، ونحن بالكويت لنا تجربة بهذا المجال واعني قصة (أزمة المناخ) على الرغم من حجم التداولات التي وصلت الى ارقام فلكية في المناخ الآمن الواقع كان مريرا جدا انهار السوق وأصبحت تلك الأوراق والشيكات وحصص الأسهم لا تساوي شيئا.
الاقتصاد الحقيقي هو قيمة ما تملكه من صناعة حقيقية تستهلك من العمالة وتأخذ من سوق العمل وتزيد في الناتج القومي وتدخل على الاسواق الداخلية العملة الصعبة وتقلل من تصديرها للخارج، الاقتصاد القوي هو حجم ما تنتجه من مواد خام او مواد استهلاكية أساسية وسلع يساهم في كبح زمام التضخم والحد من موجات الغلاء ويشكل تحالفات صناعية مع دول اخرى خصوصا في مجال الصناعات الثقيلة حيث تبحث الشركات العملاقة عن (شريك اجنبي) يساعد في الانتشار ويقلل كلفة التصنيع ويفتح الاسواق المحلية للمزيد من خطوط الانتاج، مثل هذه الاقتصادات القوية هي التي تقف في وجه الأزمات وتضفي على الدولة مناعة ضد التحديات المستحدثة في الإقليم، انه الاقتصاد يا سادة وليست القوة العسكرية، في النهاية الجيوش تزحف على البطون.
امام هذا الاستعراض، وامام مثل هذا الحدث (أزمة ايران وأميركا) من حقي كمواطن ان اسأل وأتساءل، ما الذي ممكن ان يحدث لبلادي الكويت لو اشتعلت الحرب بين المتصارعين؟ كيف سيكون حال الميزانية العامة التي أدمنت مداخيل النفط ولا شيء سواها؟ ما تصور الحكومة لتلافي مثل هذا التقصير بالمستقبل خصوصا ونحن في منطقة تعاني من حرب شاملة كل عشر سنوات تقريبا؟ أسئلة صعبة محتاجة التفاتة حكومية ونيابية على السواء، او التفاتة سريعة لبعض جيراننا الذين نجحوا ولو بشكل جزئي لتحقيق اقتصاد الكفاية في بلدانهم، الإمارات والسعودية ومصر، برامج توطين الصناعة بأنواعها في تلك الدول مثال ناجح برأيي المتواضع، في النهاية لا نقول الا اللهم سلم الكويت واهلها من كل شر وكل عام وانتم بخير وفي الختام سلام.