رمضان هذا العام استثنائي بكل المقاييس، ولو أحد ما أخبرك السنة الماضية أن رمضان هذه السنة سيكون بهذا الشكل الفريد من نوعه، بالتأكيد لم تكن لتصدقه لكن هذه تصاريف الزمان، هي تجربة ربما نحكيها مستقبلا لأبنائنا وأحفادنا بإذن ربي الواحد الأحد، كيف اختفى الناس من الشوارع فجأة بسبب وباء عالمي وتوقفت الأعمال في الوزارات والدوائر الحكومية إلا بالنادر القليل، وعلى الرغم من أنني شخص غير اجتماعي غالبا - وهذا رأي أصدقائي ومن يعرفني - إلا أنني في رمضان أكون اجتماعيا بالعادة وتحلو لي المناسبات الاجتماعية واللمة.
جرت العادة أن إفطار رمضان بالنسبة لي يكون مناسبة اجتماعية بحد ذاتها، وأعتقد عموم الشعب الكويتي كذلك، والمناسبة الوحيدة التي كان الإفطار فيها وحيدا بالمنزل كانت في سنوات الدراسة في الخارج والابتعاث، مجبر أخاك لا بطل، يومها كان الجليس على مائدة الإفطار الراديو أو التلفاز وما جادت به اليد على طبق فقط، أما في هذه الأيام، فالتباعد الاجتماعي وتفاصيل الحجر المنزلي أصبحت ضرورة لحماية النفس ومن تحب من الأهل والأصدقاء، وعزائي أن هذه الغمة لن تطول بإذن الله تعالى.
نقول الزيارات العائلية أمرها يهون، ولكن أصعب ما يكون على النفس ونحن في هذه الليالي المباركة أن يكون رمضان هذا العام بلا صلاة بالمساجد، بلا تراويح، وربما بلا قيام ليل في المساجد أيضا ولا اعتكاف اللهم هي الصلاة في البيت فقط، حتى في حرب تحرير الكويت لم يحدث ذلك، ولم أكن أتصور ولا يخطر على البال أن يكون حالنا في رمضان كما هو الآن في سنة «كورونا» وكأننا في فيلم من أفلام الخيال العلمي وقدر ربي وما شاء فعل، ولا يزال المؤذن يقول صلوا في رحالكم، ولكن نسمع ونطيع وكلي إيمان بأن هذه الإجراءات وان استمرت شهرا أو شهرين فهي للصالح العام وسلامة من نحب، وفقني ربي وإياكم لما يحب ويرضاه في هذه الأيام المباركة وكل عام وأنتم بخير، وفي الختام سلام.