من حقي وأنا المواطن العربي في هذا الجزء من الجسد العربي أن أبدي رأيي في هذه المسألة التي طفت فجأة على السطح، وصارت حديث الساحة، أحاول قدر المستطاع إيصال وجهة نظري المتواضعة في هذه المسألة الحساسة والقضية الجوهرية لكل عربي بل ولكل مسلم، صراعنا مع المحتل اليهودي الصهيوني الغاصب لأرضنا العربية، ومن البداية أقول أنا ضد التطبيع على طول الخط، ولكن من يرى أن التطبيع هو الرأي السديد يجب أن يأتي لنا بالحجج والبراهين، فعلى كل حال إسرائيل ليست دولة عادية بالمفهوم السياسي، بل خليط من عصابات الشتيرن والهاجاناه التي تشكلت بالأخير، وبدعم غربي فج وعلى جثث إخواننا الفلسطينيين، على شكل دولة.
حسنا، كيف يسوق للعامة فكرة التطبيع؟ لنبدأ السرد، هل التطبيع سيعيد شيئا من الحقوق العربية المسلوبة خصوصا الأراضي؟ نتنياهو أعلن مرارا انه لن يرجع شيئا بل وللتو أعلن انه سيبني 5000 وحدة سكنية أخرى على أراض عربية مسلوبة، هل التطبيع مرهون بإطلاق آلاف المعتقلين في السجون الإسرائيلية ظلما وعدوانا؟ الجواب لا، هل التطبيع سيضمن ألا تقوم إسرائيل بأي مغامرة عسكرية في الدول العربية المحيطة؟ الجواب لا، والدليل هذا سلاح الجو الإسرائيلي يسرح ويمرح في الأجواء السورية واللبنانية يقصف المدنيين والعسكريين على السواء، إسرائيل دخلت بيروت وعملت بها المجازر بعد كامب ديفيد، هل التطبيع سيضمن تعويضا ولو رمزيا إلى الإخوة الفلسطينيين المهدمة بيوتهم؟
لا أبدا، والدليل أن ترامب قطع أي مساعدات مالية للأونروا وكالة غوث اللاجئين، هل التطبيع مفيد اقتصاديا للبلدان العربية؟ التطبيع ليس له علاقة بأي مكاسب اقتصادية حقيقية، وهذه مصر والأردن على سبيل المثال لايزالان يعتمدان على الديون والمساعدات.
هل التطبيع مفيد لإسرائيل اقتصاديا؟ طبعا نعم، أسواق عربية استهلاكية كبيرة، حتى طيران العال الإسرائيلي لن يتكبد الخسائر بعد اليوم وهو يلتف حول الأجواء العربية، بل سيوفر الكثير من المال وهو يقطعها شمالا وجنوبا دون توقف، يبدو لي أن الخاسر الأكبر من هذا التطبيع هو الجانب العربي.
سؤال أخير إذا سمحتم، هل القدس والأقصى ملك خاص لأحدهم حتى يتنازل عنها لليهود أو يقسمها شرقية وغربية؟ على الحكام العرب ان يشرحوا هذه المسألة بدقة لشعوبهم منعا للاجتهادات الخاطئة.
والآن هل بقي لدعاة التطبيع حجة ليستخدموها؟ القدس لنا، عربية، بمقدساتها الإسلامية والمسيحية لنا، ليست ملكا شخصيا لأحد حتى يتنازل عنها بجرة قلم ويسلمها للغريب، والتاريخ لا يزور ولا يحابي أحدا، وهؤلاء القادمون خلسة، من القارات الخمس، من أحضرتهم السفن والطائرات عبر البحار، يوما ما سيرجعون، وما بني على باطل فهو باطل، ودمتم.