هو من الرجال الذين استثمروا وجاهتهم في أنشطتهم الاجتماعية والأدبية والسياسية والصحافية، ولا تكاد تخلو ديوانيته في «الدسمة» من رجالات الكويت وقياداتها، ولا تكاد تمر مناسبة لها مكانتها في وجدان الناس إلا سطر رأيه مقالا مكتوبا ينبض بتفاعله، أو قرضه شعرا منثورا ينضح بعواطفه الصادقة، منشورا مرحبا به في مختلف الصحف المحلية.
وفي القضايا التي تشكل هاجسا وهما، يعقد مشاورة أو يشارك في لقاء مع المختصين والمهتمين للخروج بتصور واضح، يعقبه تحرك على أرض الواقع، يستلهم ذلك من غيرته الدينية والوطنية.
أتلقى منه اتصالات في الصباح الباكر يثني على مقالي هذا، ويشد من أزري في مقال آخر في مواجهة قضية ما.
مستثيرا العزم والدعم لأوجه الخير والبر والإحسان داخل وخارج البلاد. ومن ذلك مآثره في تزويج عشرات الزيجات في حفل زفاف موحد في مملكة البحرين، فكان محبوبا هنا وهناك، حتى كان على رأس الوفد الشعبي الذي ذهب إلى المنامة للسعي في ترطيب الأجواء في الأزمة البحرينية، برعاية وتوجيه من سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه.
نشاطه تنامى منذ طفولته، عندما تدرج في التعليم من ملا بلال وملا زكريا في سوق ابن دعيج عام 1945، ثم المدرسة المباركية حتى إتمام المرحلة الثانوية قبل أن يلتحق بالمعهد البريطاني لدراسة المحاسبة.
أنعم الله عليه بذاكرة قوية فقد حفظ سورة مريم في ليلة واحدة، وكان يقرأ في طابور الصباح الأناشيد المدرسية، مما أهله لتذوق الشعر ليقتني دواوين الشعراء الكبار أمثال السيد حيدر الحلي والفرزدق وأحمد شوقي والرصافي، ليكتب المتروك أول قصائده في نكبة فلسطين 1948، ويلقيها أمام هيئة المدرسة وطلابها.
امتهن العمل عاملا في شركة النفط 1950، ليتدرج بجده إلى وزارة المالية ويترقى حتى منصب مدير لأملاك الدولة بدرجة وكيل وزارة تحت قيادة وزيرها آنذاك سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه.
وشارك في مجالس إدارات المطاحن والأسماك وغيرها، قبل أن يتفرغ لعمله التجاري الخاص.
ويخصص وقتا لأعمال الصدقات الجارية للمحتاجين ويقيم لهم المشاريع الإنتاجية، لكنه لم ينس اهتماماته الأدبية ليصدر مجموعة من مؤلفاته مثل: «أهل البيت في القرآن والحديث»، «الحسين سبط من الأسباط» «للشعر صوت»، وغير ذلك.
رحل اليوم (أمس) المرحوم علي المتروك، ولم يمهله القدر كثيرا بعد بضعة شهور من رحيل شقيقتيه المرحومتين أم عادل وأم يعقوب، وكريمتيه الحاجة مريم وأم علي، ليلتحق بهن سريعا إلى مستقر رحمة الله تعالى.
وستفقد الساحة الوطنية والإسلامية والأدبية علي يوسف المتروك، ليترك فراغا حزينا من الصعب ملؤه بمثل شخصه الكريم.
ألهم آل المتروك ومحبيه الكرام جميل الصبر وحسن العزاء.
(انظر مزيدا من سيرته في كتاب «شموع» ـ ج 2 ـ للمؤلف الاستاذ سلطان حمود المتروك).