تمرس الحاج عبدالمطلب عبدالحسين الكاظمي الدور السياسي منذ أن كان طالبا في القاهرة، عندما دعموا الطلبة العراقيين المعارضين لنظام عبد الكريم قاسم الذي طالب عدوانا بضم الكويت!
وألقى خطبة عصماء نقلها تلفزيون الكويت في وقتها لشدة تميزها، نيابة عن الطلبة الكويتيين أثناء دراسته في أميركا في استقبال السفارة الكويتية للأمير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح عام 1968.
الشيء الذي لا يعرفه الكثيرون أن هذا الرجل الذي له بصماته المشرقة على جبين الوطن بلا منة، بل هو الواجب الوطني، لم يكن وزيرا للنفط باختيار تلقائي من رئيس الحكومة، ولكن بضغط وتهديد من النواب العشرة الذين فازوا في انتخابات مجلس الأمة 1975 في الدائرتين الأولى والسابعة لشعورهم بعدم عدالة معايير اختيار الوزراء، فرضخ لهم القرار السياسي فكان أول وزير للنفط، ومارس دوره السياسي والفني والإداري، يلتمس مصالح البلاد، والعدالة بين العباد الموظفين في التعيين والترقيات، حتى اتهم من المناوئين له زورا وبهتانا بالطائفية!
واجه ظروفا صعبة كاحتراق ضخم في أحد الحقول النفطية، واقترب منه الموت من القتل المباشر سواء أثناء اغتيال المغفور له بإذن الله الملك فيصل، واحتجازه من قبل الإرهابي كارلوس مقابل فدية، أثناء اجتماعه في منظمة أوپيك.. ولكن واجهها كرجل وطني سلاحه الإيمان بالله تعالى، وثقته بقضائه وقدره (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون).
نظيف اليد والذمة، ديموقراطي، يحترم الرأي الآخر، حتى ان مدير مكتبه السيد عدنان عبد الصمد نافسه في انتخابات الأمة 1981 وفاز عليه، وتقبل ذلك بصدر رحب، ولآخر حياته يعتبره الأخ والصديق الوفي.
ابتعاده عن المنصب الحكومي، لم يبعده عن مسؤولياته الوطنية والاجتماعية، فكان دوره الوطني مشهودا له في ساعة عسرة الغزو الصدامي لبلدنا وهو في لندن، عندما أسس مع إخوانه المواطنين هناك، رابطة تنادي بالانتصار للكويت، وتفضح انتهاكات العدو المجرم، وتشد من أزر العوائل الكويتية الذين انقطعت بهم السبل.
وكان الناشط السياسي الذي يعيش هموم الأحداث، فكان يجمع في بيته في ضاحية عبدالله السالم، الوجهاء والوزراء والنواب القدماء عند النوائب، للتشاور ولتمحيص الرأي الصائب لتوجيهه إلى صانع القرار، بحضوره على رأس ثلة منهم.
وهو عضو فاعل في رابطة الصداقة الكويتية - الإيرانية، والتي كان يرأسها المرحوم د.عبدالله العوضي قبل أن يخلفه الوزير الأسبق محمد السنعوسي، أطال الله عمره.
مثلما له حضوره المميز في المنتديات ومناسبات المواطنين في أفراحهم وأتراحهم، حتى وهو قعيد الكرسي المتحرك، الذي كان يثير في نفس محبيه، وهم كثر، مشاعر الأسى والأسف لجحود الحكومة في تقدير المخلصين من أمثاله في المبادرة في تفقده ودعم شؤونه الصحية.
بل واجه العسر والعوائق والعراقيل أمام أمنيته الأخيرة في بناء مسجد يكون له زادا لآخرته من هذه الحياة الدنيا الفانية، ويكون له صدقة جارية إلى ما شاء الله تعالى، فسارع جمع من الشباب المؤمنين متطوعين عنه بمتابعة طلبه بعناء شديد، وبوقت طويل، لدى الجهات الرسمية المعنية، وبعد جهد جهيد، بدأ البناء مؤخرا، ولكن الأجل لم يمهله حتى تقر عيناه برؤية جموع المصلين وهم يملأون المسجد الذي سماه «جامع الرسول المعظم محمد بن عبدالله» - صلى الله عليه وآله وسلم -، ارتحل ولم يهنأ حتى باستكمال الهيكل الأسود للمشروع!
الآن جدير بالسلطة السياسية أن تبادر باستكمال هذا المسجد في ضاحية جابر الأحمد، طاعة لله أولا ثم تكريما لهذا الرجل الذي أفنى عمره لخدمة وطنه ومواطنيه، كان بوهاشم شخصية قوية ومحبوبة من الجميع، يستقبل الجميع بالرحب والسعة في ديوان الكاظمي بالدسمة، وبابتسامته المشرقة.
وكان شديد التأثر بما يمس العدالة والوحدة الوطنية، وكانت له غيرة عنيفة على دينه غيرة الهاشميين التاريخية على دينهم، ولذلك ينادى بكنيته المحببة: بوهاشم عبد المطلب الكاظمي، رحمه الله برحمته الواسعة، وجمعه مع من كان يحبهم ويواليهم النبي المصطفى وآله الأطهار وأصحابهم الغر الميامين.
الفاتحة.
[email protected]