قول كويتي يقال لمن يُسوّف ويؤجل مرة تلو المرة! وهكذا العمر يسير سريعاً، وما أكثر ما يهدر فيه الوقت على أمور تافهة، بينما العمر مشروع استثماري، ما أغلى فيه الدقائق والساعات التي تذهب إلى الأبد ولا تعود، ولا يمكن تعويضها بأخرى، أو شراء المزيد منها.
يقول الشاعر أحمد شوقي:
دقات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها
فالذكر للإنسان عمر ثاني
لكن لا يعني ذلك أن اليوم الواحد يمضي كله جد وكدح وجهد وجهاد بلا كلل ولا ملل! فلابد من ساعات للترفيه البريء، والتواصل والتواد الاجتماعي، ولكن توظف وتستهدف إعادة النشاط والحماس والحيوية، فالنفوس تمل مثلما تكل الأبدان، وبهذا الهدف والحاجة، فالترفيه ليس غاية بذاته، وإنما أداة للإعانة على مواصلة المسير نحو تحقيق الأهداف السامية.
عن الإمام الكاظم (عليه السلام): «اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة لمناجاة الله، وساعة لأمر المعاش، وساعة لمعاشرة الإخوان والثقات الذين يعرفونكم بعيوبكم ويخلصون لكم في الباطن، وساعة تخلون فيها للذاتكم في غير محرم».
لكن المؤسف أصبحت جرعة الترفيه كبيرة، وطاغية في حياتنا اليومية، تلتهم معظم ساعات العمر، وتوسعت في بعضها إلى الحرام! بل تم تسييسه، وتحويله إلى وسائل لتخدير الناس وتمييع المجتمع عن الانشغال والتفاعل عما يُحاك للأمة، وتغيير ثقافتها الإسلامية.
ولا توجد لدينا مشكلة إيجاد وسائل للترفيه بقدر ما لدينا مشكلة وقت فائض نريد أن نملأه بالمزيد من الترفيه التافه!
والقرآن الكريم يحثنا ويمتدح الإسراع في العمل الصالح قبل فوت العمر ومجيء لحظة الفراق مثل:
- (كانوا يسارعون في الخيرات).
- ( وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين).
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
٭ «ليس يتحسر أهل الجنة إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله تعالى فيها».
٭ «يا أبا ذر كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك».
وفي الدعاء المأثور:
«اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ويا مدبر الليل والنهار ويا محول الحول والأحوال حول حالنا إلى أحسن حال برحمتك يا أرحم الراحمين».
[email protected]