رحم الله، السيد بو إبراهيم، فقد كان للكويت وللكويتيين، مثلما كان للعراق والعراقيين. عرفته منذ ان كان يتردد على ديوان المرحوم سماحة السيد مير محمد الكاظمي القزويني بالدسمة. وكان حلو المعشر يجمع بين المسألة الفقهية والرأي الحكيم والموقف الطريف ذي المغزى والموعظة الحسنة.
الفقيد الكبير سماحة الدكتور السيد محمد حسين بحر العلوم، ينتمي الى أسرة عراقتها ليست فقط في شرف الانتساب الى السلالة الهاشمية النبوية، ولكن - كذلك - مع تعاطيها العلم في محرابه، مع العمل في ميدانه، وما بين مداد العلماء ودماء الشهداء. ولذلك كان منهم المجتهدون الكبار والعلماء الاعلام والزعماء السياسيون.
فكان منهم مرجع الطائفة الكبير آية الله العظمى السيد مهدي بحر العلوم (رض) والذي يعتبر من أحد كبار مراجع الشيعة في القرن الثالث عشر الهجري. حيث كان له الدور الريادي في تطوير المرجعية الدينية للشيعة الإمامية، وأسرة آل بحر العلوم لها موقفها المتميز (العلمي والديني) في أوساط الجامعة الدينية النجفية بما يتمتع به أفرادها عبر القرون الثلاثة.
وكان لزعماء هذه الأسرة الدور الكبير في قيادة الجماهير لمواجهة الغزاة الطامعين في ثورة العشرين المباركة من خلال ارتباطاتها الوثيقة مع العشائر العراقية والعربية، فكان المرحوم السيد علي بحر العلوم 1314 1380هـ من الشباب المتحمسين مع صفوف المجاهدين من العلماء وذوي القيادة الفكرية والحنكة السياسية كالسيد الحبوبي وشيخ الشريعة والزعيمين السيد محمد علي بحر العلوم والشيخ جواد الجواهري في التصدي للاحتلال الانجليزي آنذاك. مثلما كان حضورهم الادبي والعلمي مشهودا له مع أساتذة الحوزات والأبحاث العالية عند أكابر علماء الحوزة مراجع الأمة أمثال السيد محسن الحكيم السيد أبو القاسم الخوئي..الخ رحمهم الله.
كذلك مارس السيد محمد حسين بحر العلوم الخطى نفسها فبجانب دروسه الحوزوية شارك المناضلين ضد نظام المقبور صدام حسين ومن أوائل العلماء المجاهدين الذين تصدوا للعمل السياسي مع السيد مرتضى العسكري والسيد الشهيد محمد باقر الصدر والسيد الشهيد مهدي الحكيم. ولذلك كان احد أركان الحركة الاسلامية في العراق.
اضطر الى مغادرة العراق وكانت الكويت احدى المحطات التي توقف فيها طويلا، فوجدت فيه النزاهة والعلم والعدل، فتبوأ فيها قاضيا للاحوال الشخصية الجعفرية في محاكم الكويت.
وعند سقوط طاغية العراق 2003 عاد الى العراق. ليستكمل فيها جهاده السياسي، فيكون محل ثقة المكونات السياسية العراقية فيعين أول رئيس لمجلس الحكم العراقي المؤقت.
وكان حريصا في نقل تجربته السياسية والفقهية الى الجيل الجديد، فأسس معهدا للدراسات العليا في العلوم السياسية بالنجف الأشرف.
وكان الوفاء عنوانا دائما لعلاقته مع الكويت وأهلها. فكان سنويا يحل ضيفا على صاحب السمو الأمير حفظه الله تعالى.
وكان كذلك حريصا على حضور الملتقيات العلمية لإدارة الوقف الجعفري بالامانة العامة للاوقاف بالكويت.
ولعل من حسن الطالع ان يكون احد أبنائه سفيرا لجمهورية العراق الشقيقة لدى الكويت معالي السيد محمد حسين بحر العلوم.
رحم الله الفقيد سماحة السيد محمد حسين بحر العلوم، فقد كان مصداقا للحديث الشريف عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام «العلم مقرون الى العمل فمن علم عمل، ومن عمل علم، والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل». (ميزان الحكمة ج6 ص505)
[email protected]