غيب الموت يوم الاثنين الماضي أحد أبطال التقريب بين الأمة الإسلامية وخاصة بين الشيعة والسنّة، وهو المرحوم العلامة الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الشريف، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، وقد وصفه الشيخ علاء أبو العزائم رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية «بالعالم العامل، صاحب الهمة العالية، والقلب النقي والحب الصادق لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وانه من أعظم شيوخ الأزهر علما وخلقا، جمع بين العلم الواسع والثقافة الغزيرة والأخلاق الفاضلة».
مثلما نعاه مفتي الديار المصرية الشيخ د.شوقي علام بقوله «فقدت الأمة الإسلامية علما بارزا من إعلام الأزهر الشريف، أفنى عمره في خدمة الإسلام والمسلمين، وبذل جهدا واضحا في محاولات التقريب بين المذاهب الإسلامية».
وهذه المدرسة الأزهرية في التقريب بين السنة والشيعة ترجع إلى المرحوم الشيخ محمود شلتوت رئيس جامعة الأزهر السابق، والذي أفتى بجواز التعبد بالمذهب الجعفري (1378هـ/1958م) ضمن جهوده بالتعاون مع المرحوم الشيخ محمد تقي القمي في تأسيس دار التقريب بين المذاهب الإسلامية في القاهرة عام (1368 هـ/ 1947م) معهما نخبة من كبار العلماء المسلمين من مختلف المذاهب، منهم أحد كبار المصلحين في مصر آنذاك، هو محمد علي علوبة باشا الذي كان وزيرا في عدة حكومات (للأوقاف والمعارف) وعينته مصر، والشيخ عبدالمجيد سليم رئيس هيئة الفتوى بالأزهر، (صار شيخا للأزهر فيما بعد)، والشيخ حسن البنا رئيس الإخوان المسلمين، والحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين، والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء والسيد عبدالحسين شرف الدين، وعلي بن إسماعيل المؤيد ممثلا للمذهب الزيدي في اليمن وغيرهم، رحمهم الله جميعا.
ما أحوجنا اليوم إلى استكمال واستمرار مثل هذه الجهود المباركة، ونحن جميعا نواجه معركة شرسة مع العصابات التكفيرية، ومع المستعمرين الجدد.
ونتمنى على الجهات الدعوية الإسلامية الرسمية منها والأهلية أن تشجع وتستضيف إلى منتدياتها أمثال هؤلاء العلماء من ذوي البصيرة لدعم الوحدة بين الأمة الإسلامية التي تواجه خطر التطبيع مع الصهاينة، وأخطار استغلالها اقتصاديا، وإنهاكها سياسيا، في إعادة للنهج القديم الجديد «فرق تسد».
[email protected]