حظي الإمام محمد الباقر (57 - 114 هـ) عليه السلام، بسلام خاص من جده النبي صلى الله عليه وآله وسلم نقله إليه الصحابي الجليل جابر الأنصاري: «يوشك أن تبقى حتى تلقى ولدا لي من الحسين يقال له محمد، يبقر علم الدين بقرا، فإذا لقيته، فأقرئه مني السلام».
خدمت الظروف السياسية الإمام الباقر عليه السلام، لينشط في جهوده العلمية والاجتماعية والإصلاحية، وخاصة في عهد الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز الذي اتصف بالاعتدال والانفتاح، فقد رفع الحيف والظلم عن أهل البيت النبوي، ومنع سب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام من على المنابر، كما أعاد ارض «فدك» إلى الإمام الباقر عليه السلام، وهي منحة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لابنته سيدتنا الزهراء عليها السلام.
ورغم كل الضغوط التي كان يواجهها الخليفة من البيت الأموي، حتى مات أو قتل في ظروف غامضة! لكن استمرت جهود الباقر عليه السلام رغم العنت الذي أصابه هو وولده الإمام جعفر الصادق عليهما السلام، حتى رحلا من المدينة إلى دمشق بأمر السلطة الأموية وأدخل الإمام الباقر السجن ليمتد تأثيره الإيماني والعلمي على السجناء، فأطلق سراحه ليعود إلى المدينة فيستأنف دوره القيادي في أمة الإسلام، ويشارك في معالجة قضايا الدولة والمجتمع، ويحاور المعارضين له، ويناظر أصحاب الأفكار المنحرفة، ويدرس طلابه علوم القرآن والسنة النبوية والفقه والسيرة وفنون الآداب، فأوجد قاعدة واسعة من التلاميذ والرواة، لها آثارها الإيجابية المستمرة حتى اليوم على حركة الاجتهاد الفقهي في الانفتاح على مستجدات الواقع المتغير.
وهي حركة تستمد قوتها العلمية من عدة مراحل تاريخية، بدأت من عهد الرسالة، مرورا بعصور الأئمة المعصومين - ومنهم الإمام الباقر - عليهم السلام، بنص رسول الله صلى الله عليه وآله (إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا)، وعبر مئات رواة الحديث من الصحابة والتابعين، وتحت تدقيق وتوثيق العلماء الفقهاء العظماء، وهم المرجعية الدينية.
(7 ذي الحجة ذكرى استشهاد الإمام الباقر عليه السلام).
[email protected]