تحدث القرآن الكريم عن أنواع من الفساد، منها: الفساد العقائدي كالشرك وعبادة الطواغيت، والفساد الأخلاقي كالانحرافات السلوكية والتمييز بين البشر بغير تقوى الله تعالى.
والفساد الاقتصادي كالربا والسرقة والعبث بالمكاييل والموازين. وضرب الأمثال من المجتمعات البشرية الفاسدة وما آلت إليه من انهيار.
بعد العصر الإسلامي الذهبي، ومع اتساع الفتوحات الإسلامية وتنامي الغنائم وازدياد الثروة وتسرب الثقافات الأجنبية، وما حملته من أفكار الزندقة والمجون بدأت الانقسامات والتمييز في المكاسب والعطاءات وخلق فئات تعيش الفقر المدقع وأخرى تنعم بالثراء الفاحش. وتنامى معه الفساد السياسي بتولي المناصب بناء على معايير الأقرباء والموالين، واستخدام أدوات التجسس والإرهاب والتجويع والنفي وهدم البيوت في مواجهة المعارضين والخصوم.
ورافقت ذلك حملة إعلامية مكثفة تخدر وتدعو إلى الصبر بالسمع والطاعة للحاكم الظالم مهما بلغ من الانحراف. لكن المصلحين الشرفاء وعلى رأسهم أئمة أهل البيت النبوي كانوا لهم بالمرصاد، كل حسب ظروفه الواقعية يتوسمون الحكمة والموعظة الحسنة، فكان منهم الإمام الحسين عليه السلام الذي أعلنها ثورة صريحة على هذا الواقع الفاسد، وبصفته إماما مفترض الطاعة، مادام قد أشار إليه بوضوح جده المصطفى صلى الله عليه وآله، محذرا من التعرض له في أكثر من مناسبة. ووصل الفساد إلى حد أن يطلب الإقرار الشرعي من الإمام الحسين عليه السلام بصفته الإمام الشرعي!
لذلك من الوهم تسويق قضية كربلاء على أنها صراع طائفي، أو منافسة حول حطام الدنيا من مناصب ومكاسب، فقد حدد موقفه من الفساد المستشري بلا لبس ولا غموض، ومحطما المفاهيم المغلوطة والمشوهة: «والله لا أعطينكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد»، «..أنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه فإن السنة قد أميتت وإن البدعة قد أحييت، إن تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبل الرشاد..»، «إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا بَرَما».
[email protected]