هكذا يسير قطار الحياة إلى آخر المطاف، ليتوقف عند محطته الأخيرة الأبدية، ليترجل راكبه فيعرج إلى بارئه ليجزاه الجزاء الأوفى.
هكذا ترجل المغفور له بإذن الله، صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد بعد محطات كثيرة، مليئة بالإنجازات والتحديات والآلام، في الداخل وفي محيطه الإقليمي والعالمي.
لم يكل ولم يمل وهو يجول ويصول، ليخمد نار هذا الخلاف، ويقرب بين أولئك الخصوم، ويغيث الملهوف بالكوارث، ويشبع الجوعى المحرومين، ويرمم بيوت المظلومين.. وباسم الكويت والكويتيين، حتى أسبغ عليه العالم تسمية «قائد الإنسانية».
تمرس شعب الكويت على الديموقراطية حتى بالغوا بالنقد المرير، حتى خالهم الغريب أنه بالنكوص على بلدهم، لكنهم كلهم فاجأوا العالم بالحب العظيم لرمز وطنهم الشامخ لأميرهم، وأجمعوا على الوفاء له في حله وترحاله.
حتى القادة من الأحزاب الخارجية وزعماء البلاد الذين لطالما كالوهم بعض جماعاتنا السياسية، ومنصاتنا الإعلامية، بالتهم والتجريح، لم يقابلوا هذه الإساءات إلا بالمزيد من الإشادات، وتعداد مكارم أخلاق سمو الشيخ صباح الأحمد، والتذكير بمعروف الكويت وأهل الكويت.
لا ننسى دموعه الغالية وهو يترجل نحو مسجد الصادق عليه السلام، ليتفقد عياله، وكان الجو لايزال ملبدا بدخان البارود، ورائحة الموت، والدماء تشخب من أجساد الشهداء والجرحى، والحرس الخاص يرجونه أن يغادر مسرح الحدث الجلل، لكنه يواجههم مستنكرا: «هذولا عيالي»!
اليوم نفقده كما يفقد الأيتام أباهم، ولا نملك إلا لوعة القلب ودموع العيون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا سمو الأمير لمحزونون.
[email protected]