جمال الكويت ليس في مبانيها ومنشآتها وشوارعها وجسورها وأبراجها وسواحلها وحدائقها وصحرائها وبحرها وجزرها، بل يكمن في «سُرجها» المتلألئة، والتي تنتشر في ربوع الكويت، من شمالها مرورا بوسطها إلى جنوبها، ولكل سراج جمال خاص، يضاف الى السرج الأخرى، لتصنع مع بعضها أجمل صور الحياة التي نعيشها، وإننا لنخسر شيئا من الجمال عند انطفاء أي من هذه السرج.
لقد انطفأ يوم الأربعاء 28 أكتوبر 2020 سراج عظيم من هذه السرج، إنه الأخ الفاضل الدكتور عصام عبداللطيف الفليج بعد مسيرة عامرة في العمل الخيري، فمنذ أن عرفته قبل ثلاثين عاما او يزيد لم ألتقه يوما إلا والابتسامة تعلو محياه، حتى آخر أيام حياته لم يلحظ أحد أبدا أنه يعاني من السرطان وأنه يعالج ويتألم من الداخل، لكنه لا يبدي للآخرين هذه الآلام والمعاناة التي رافقته سنوات طويلة، بل كان يغطي ذلك بابتسامة راضية وبعطائه الخيري الذي لم ينقطع حتى آخر لحظات حياته.
لقد امتلأت حياته بالإنجازات، حتى لا أدري من أين ابدأ، وأين أنتهي، هل أتحدث عن نشاطه الإعلامي المميز، ومقالاته التي تنبض بالوعي والحكمة والاعتدال والثقافة والاتزان وجمال الصياغة الصحافية، أم اتحدث عن دوره الاعلامي عندما كان في لجنة استكمال الشريعة، أم أتحدث عن دوره في تأسيس لجنة التكافل لرعاية الأسر وأسر الشهداء بعد التحرير، أم أتحدث عن تأليفه للكتب الجميلة، أم أتحدث عن تقديمه للبرامج الإذاعية والتلفزيونية، خاصة برنامج «سفراء الخير»، أم أتحدث عن زياراته الخيرية للكثير من الأقطار الإسلامية للاطلاع على حاجات الفقراء في تلك الديار أو تفقد بعض المشاريع الخيرية، أم أتحدث عن تسويقه لبعض المشاريع الخيرية حتى آخر لحظات حياته؟!
لقد تعددت عطاءاته وتنوعت، حيث كان كالشلال المتدفق بقوة لا يتوقف أبدا، وكان لا يتوقف رحمه الله عن العطاء، وحرصا منه على استمرار هذا العطاء، ورث ذلك العمل إلى أبنائه من بعده، فأصبحوا نعم الخلف لذلك السلف، حتى يستمر السراج بالتوقد والإنارة.
لقد فجعنا بفقدانك يا أبا عبدالله، ولا نقول إلا (إنا لله وإنا إليه راجعون)، وإن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا عصام لمحزونون.