يرتكز العمل البرلماني في الكويت على اساسين مهمين وهما التشريع والرقابة، وهما كجناحي الطائر لا يستطيع ان يطير بدونهما، والادعاء بأن المجلس دوره تشريعي هو خطأ فادح ينم عن جهل بالدستور وقوانين الدولة، ولقد سعت الحكومة بكل قوة الى تكريس هذا المبدأ وهو ان التنمية تكون بتشريع القوانين وتنفيذ الخطط وكرست مفهوما خطيرا بأن من يجنح الى استخدام الرقابة وادواتها الدستورية المتاحة فهو مؤزم ومعرقل للتنمية ويسعى لحل مجلس الأمة.
ان تجريد مجلس الامة واعضائه من سلاح الرقابة يجعل الحكومة تفعل ما تشاء، كيف تشاء، متى تشاء، دون ادنى تفكير في المحاسبة وتحمل المسؤولية، لانها نجحت بامتياز في الإجهاز على الادوات الدستورية للرقابة مثل الاستجواب الذي ذهب الى غير رجعة في ظل هذا المجلس ذي الاغلبية الحكومية الساحقة، كذلك فإن جلسات المناقشة العامة لا جدوى منها وما هي الا «هايد بارك» للنواب للفضفضة والتنفيس وبعدها يظهر الوزير وكأنه هو البطل كما حصل في جلسة مناقشة اوضاع الكهرباء، وتصدر توصيات في كثير من الاحيان لا تلتزم الحكومة بها، او عمل لجان تحقيق في كثير من القضايا العامة وهي اشبه بما تكون لجان «التبريد والتخدير» التي تموت فيها القضايا العامة وقد تنتهي مدة هذا المجلس واللجنة لم تنته من أعمالها واذا انتهت كانت توصيات للحكومة لا احد يتابعها ولا تلتزم الحكومة بها، واقرب مثال على ذلك توصيات لجنة التحقيق في قضية البيئة وام الهيمان، ماذا فعلت الحكومة بتوصياتها؟! اما النوع الآخر من اللجان فهو ما تصدر منه توصيات على غير مزاج الحكومة مثل لجنة المكلسن التي استطاعت الحكومة اجهاضها وإحالة تقريرها لديوان المحاسبة وقبره والانتهاء منه.
اما آخر ادوات الرقابة فهي الاسئلة النيابية التي يجاوب فيها الوزراء على المزاج وعلى الراحة لان الوزير اذا كان في مأمن من المجلس وبيده الاغلبية فلا يعبأ بالرد والاجابة عن اسئلة النواب، اذن نجحت الحكومة في تفكيك وتهميش جناح الرقابة وابقت على جناح التشريع الذي يصدر بمزاج حكومي، فالقوانين التي اصدرها المجلس حتى الآن جميعها جاءت برغبة حكومية بالاصل كقانون خطة التنمية وقانون هيئة سوق المال وقانون الخصخصة وقانون العمل وقانون صندوق المتعثرين، أما القوانين ذات الطابع الشعبي مثل قوانين مكافحة الفساد وكشف الذمة المالية او قوانين البيئة والمرأة وإلغاء الفوائد والبدون وغيرها فإن الفيتو الحكومي المحصن بالاغلبية النيابية منعها من الصدور.
اذن ما تريده الحكومة هو الذي يمضي وهذا أكبر خطأ وفيه سلبيات كبيرة ستؤثر على مستقبل البلد عندما يعمل الجهاز التنفيذي على تشريع ما يريده دون رقابة ولا محاسبة، وستذكرون ما أقول لكم.
[email protected]