يتمتع الخليج العربي بأهمية قصوى عند الإدارات الأميركية المتعاقبة، حتى ان الالتزام بأمنه يأتي عادة على شكل تعهد رئاسي علني، كمبدأ كارتر الشهير.
استمرت الإدارات الأميركية المتعاقبة في تأكيد هذا المبدأ او الالتزام الاستراتيجي بأمن الخليج، وصولا إلى الرئيس أوباما الذي حاول إعادة التوازن في المنطقة بإلزام ايران التخلي عن أحلامها النووية العسكرية، بتوقيعها على الاتفاق النووي الإيراني، مع تأكيد الرئيس اوباما على تعزيز أمن دول مجلس التعاون ودعمهم بما يلزم من أسلحة دفاعية تهدئ من روعهم تجاه إيران، واقترح أوباما إنشاء «الدرع الصاروخي الخليجي»، ليتمكن الخليجيون من التوازن مع القوة الصاروخية الإيرانية، من جهة ثانية سعى أوباما إلى تلطيف الأجواء المشحونة بين إيران ودول مجلس التعاون، ولكن لم يسعفه الوقت مع انتهاء ولايته الثانية، بالإضافة إلى الصد الخليجي والإسرائيلي لسياساته وعدم الرضا عنها.
عقلانية الرئيس أوباما التي ميزت فترة حكمه، أعقبها تهور الرئيس الجديد «ترامب» وغلاظته وصراحته المحرجة وعقلية البزنس مان الشغوفة للمال فقط.
أوباما لم يحمل حلفاء أميركا الكثير من الأعباء المالية، ولم يهول من المخاطر ليبتزهم.
بينما الرئيس ترامب رجل الأعمال استخدم الجيش الأميركي كأداة استثمارية (سندات) تجلب عوائد مادية دون مخاطر عالية، فليس في مخيلة ترامب ان يبدأ حربا لا مع إيران ولا غيرها، هو فقط يسخن الساحات الإقليمية والدولية من اجل ان يأتي المستثمرون عفوا الخليجيون او الأوروبيون أو الشرق آسيويون وغيرهم ليحصلوا على «سنداته» او جيشه وأسلحته للحماية من لا شيء.
الرئيس ترامب لم يتحمل وجودا رمزيا في سورية دون مقابل مادي رغم الأهمية الاستراتيجية لوجود القوات الأميركية في وسط اشرس حرب مختلطة (أهلية وخارجية) في العالم، فكيف سيتحمل وجود مكثف في الخليج للحرب مع إيران.
ختاما ـ تعودنا ان عقب كل انسحاب عسكري أميركي يأتي من يملأ الفراغ وعادة ليس من حلفاء أميركا المعلنين، والسؤال هل تتعمد واشنطن ذلك، او ان هناك خطأ بالتقدير، يبدوا ان الرئيس ترامب يسلم سورية للروس المتهم بالتعامل معهم في حملته الانتخابية، كما سلم بوش الابن العراق للإيرانيين.
الخلاصة: أجمع الخبراء ان ترامب لا يملك استراتيجية ولا سياسات محددة تجاه قضايا الداخل او الخارج، ولا يدور بخلده إلا كسب المال، وهذه الاستراتيجية لا تجدي نفعا في السياسة الدولية، فالمكانة الدولية والتغلغل في الساحات الدولية وكسب ثقة الحلفاء من المفترض ان يأتي أولا للدول العظمي وبعده الكسب المادي، لا العكس!