تتباهى كل الأمم ببنيتها التحتية وخاصة شبكات الطرق والأنفاق التي تربط بين أجزائها ومدى اتساعها واستيعابها لحركة المرور فيها ومدى انسيابية هذه الحركة وقدرتها على مواجهة أعتى موجات الزحام، فنحن في الكويت حدث ولا حرج أصبحنا جميعا أسرى تخطيط عمراني كان صالحا ونافعا في فترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، ولكن لم يصمد هذا التخطيط أمام الزيادة السكانية وانتشار العمران وامتداد الكويت وزيادة رقعتها السكانية وزيادة حجم السكان والوافدين فيها، فانهارت شبكة الطرق التي كنا نتباهى ونتفاخر بها.
ومع هذه الزيادة وبقاء الطرق على ما هي عليه ظهرت لنا واضحة جلية مشكلة الازدحام المروري الذي يزداد يوما بعد يوم، وكل الحلول المطروحة هي حلول ترقيعية لا تسمن ولا تغني، والأمر يحتاج إلى تدخل جراحي حاسم ليعيد تنظيم المرور في شوارعنا، فبالإضافة إلى حجم السيارات التي تزدحم بها الشوارع جاءت اختناقات جديدة لتتفاقم المشكلة بسبب التصريح لشركات «تاكسي الجوال» للعمل مما جعلها تدفع بمئات السيارات الجوالة لتزيد من صعوبة الازدحام وتضاعف من عدد السيارات في الشوارع فضلا عن سيارات الباص بأحجامها المخيفة التي لا يحتملها الشارع.
كل هذا مع عدم توفيق ساعات الدوام بين المصالح الحكومية جعل اندفاع السيارات تأتي في ساعة واحدة مما سد كل منافذ البلاد وأصبح السير فيها من المستحيلات!.
إن الأمر جاد وخطير، والمشكلة باتت تؤرق كل بيت، فلا أحد يستطيع أن يذهب في موعده إلى عمله أو لقضاء مصلحة مع هذا الازدحام الخانق ونكتفي بالمشاهدة ولا نعمل أي شيء، مع أن هذا الأمر يمس شريان الحياة في الكويت ويضرب الدورة الاقتصادية، فلا تنمية دون شوارع واسعة وبنية أساسية، فإلى متى سنظل أسرى هذه الشوارع الضيقة؟ وإلى متى سنظل أسرى ضياع الوقت وبعثرة أموالنا يمينا وشمالا في مساعدة دول لا تحمل أي حب للكويت؟ جميع مرافقنا وللأسف تعاني من إهمال جسيم، شوارع مكسرة وكل محاولات الترقيع والإصلاح الجارية الآن لن تنفع، نريد حلا سريعا وشاملا لمشكلة المرور، فهي لا تحتمل تأخيرا ولا تأجيلا، أغيثونا فنحن نغرق في زحام شوارعنا!
التخطيط هو الرؤية المستقبلية لأي أمر، وعلى ضوء هذه الرؤية توضع المعايير والاحتمالات والحسابات والأعداد والكلفة والاعتبارات الآنية والمستقبلية، ولو تمسكنا بالتخطيط الجيد لما اعترضتنا مشكلة المرور مثلا، فكل داء له دواء والتخطيط الجيد ليس بالأوهام، وإنما بالحساب والورقة والقلم والاعتماد على قاعدة معلومات وبيانات، وكل هذا متوافر لدينا ولكن تنقصنا الرقابة الصادقة في العمل.
وهناك مشكلة نرجو من وزارة الداخلية أن تتخذ الإجراءات الصارمة فيها وهي منع «البقيات» وكذلك المستهترين الذين يستعرضون بسياراتهم في الشوارع لأنها تشكل خطرا كبيرا على مستخدميها من الأطفال والشباب وكذلك مرتادو الطرق.
كما نرجو منع الدراجات النارية التي توصل الطلبات لأي مكان، فقد حصلت بسببها حوادث كثيرة وتسببت في حالات وفيات وإصابات خطيرة.
وهنا لا ننسى توجيه الشكر إلى رجال المرور لجهودهم الجبارة في تسيير حركة المرور، ونبارك للفريق أول متقاعد الشيخ أحمد النواف لتوليه منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية.
اللهم احفظ بلدي الكويت وأميرها وشعبها والمخلصين عليها من كل مكروه، وندعوك أن تزيل هذا الوباء والبلاء من الكويت وجميع دول العالم، اللهم آمين.
[email protected]