يأمرنا ديننا الإسلامي في كل ساعة بل في كل ثانية بأن ندخل السرور والفرح إلى والدينا، والبر اسم جامع للخير، فمثلا: عقّ الولد أباه بمعنى آذاه وعصاه وخرج عن طاعته، والبر في اللغة (بر) فلان والديه أي توسع في الإحسان إليهما ووصلهما، والبر اسم من أسماء الله الحسنى (انه هو البر الرحيم) فبر الآباء والأمهات هو احد الآداب الاجتماعية الإسلامية التي لابد للمسلم ان يتحلى بها وان تكون صفة له لأن بر الوالدين يرضي الله سبحانه وتعالى، ولابد للأبناء من بر والديهما لأنهما هما أصحاب الفضل في وجودهم بعد الله سبحانه وتعالى، وفضل الوالدين على الأبناء لا يقدر بثمن ولن يستطيع الأبناء مجازاة الوالدين على ما عملاه اليهم منذ نعومة أظفارهم حتى اصبحوا رجالا أو نساء يعتمدون على انفسهم، إلا إذا وجد الولد احد الوالدين أو كليهما مملوكا فيشتريه ثم يعتقه لوجه الله، فالأم حملتك في بطنها تسعة اشهر عانت من الآلام الكثيرة فإذا ما جاءها المخاض شاهدت الموت، فتارة تنجو وتارة أخرى تموت قال تعالى (حملته أمه كرها ووضعته كرها) ثم تقوم بإرضاعه حولين كاملين قال تعالى (ووصينا الإنسان بوالديه) ولم يقل العكس لأن الوالدين لا يحتاجان إلى توصية لرعاية أبنائهما، ولكن الأبناء يحتاجون إلى هذه التوصية والعناية والمحافظة على سرور والديهما قال تعالى (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما) فإذا وصل الوالدان أو أحدهما إلى الكبر وأصبحا ضعيفين وعاجزين وصارا عندك في آخر العمر كما كنت عندهما في أوله وجب عليك أن تشفق عليهما وتلطف بهما وتعاملهما معاملة حسنة تقديرا لهما ولا تتأفف من شيء تشاهده من احدهما مما يتأذى به الناس ولكن لابد أن تصبر على ذلك كما صبرا عليك في صغرك. عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال:أحي والداك قال نعم قال ففيهما فجاهد) ونفهم من هذا الحديث أن بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله إذا كان فرض كفاية، والأبناء البارون بوالديهم يزيد الله في أعمارهم وهذه الزيادة هي زيادة ببركة العمر حيث إن الله تعالى يبارك لمن بر والديه في أوقاته وأعماله ويسرها لهم وإن بر الوالدين ليس مقصورا على حياتهم فقط ولكن باستطاعة المسلم ان يقوم ببر والديه بعد موتهما، فمن كان مقصرا في بر والديه في حياتهما فلا تزال الفرصة مهيأة لتعويض ما فاته من الأجر العظيم وما عليه ألا يقصر في مساعدة الجد والجدة. في برهما فان كانا موجودين على قيد الحياة وطرقه بر الوالدين بعد موتهما كثيرة وهي قضاء الدين عنهما والدعاء لهما وتنفيذ وصيتهما والصدقة عنهما وقضاء النذر عنهما ولابد أن يتعلم الأبناء بر الوالدين في حياتهما بألا ينادي الولد والده باسمه وألا يجلس قبل أبيه وألا يدخل من الباب قبل أبيه وإلا يرفع صوته بحضرة أبيه ولا يخطئه في حديث.
كان علي بن الحسين لا يأكل مع امه في صفحة واحدة وكان من ابر الناس بها فقيل له في ذلك فقال: أخاف أن تسبق يدي يدها إلى ما تسبق عيناها فاكون قد عققتها. وعندما ماتت أم اياس ابن معاوية بكى كثيرا وقيل له ما يبكيك؟ قال: كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة وأغلق أحدهما. فالأسرة هي المدرسة الأولى التي يجب أن تزرع البر والإحسان في نفوس الأبناء بوالديهما ولا يستحق الحياة لمن عاش لنفسه واهمل والديه وعهد بهما إلى الخدم ودور الرعاية والعجزة والمسنين فان كنت قويا صحيحا اليوم فاذكر يوما تصبح فيه ضعيفا واهنا تحتاج الى من يرعاك، فصن لوالديك حقهما لتجد من يصونك ويحفظك يوم ضعفك ومرضك وتجد من يرعاك فكما تدين تدان ولو بعد حينه.
[email protected]