نعم لا يوجد وصف لما رأيته انسب من ذلك، كان وداعا لا يليق فعلا، انتقلنا مؤخرا إلى مقر عملنا الجديد بعد فترة وعِشرة طويلة. فرح الموظفون بهذه النقلة والقفزة والتي أعتبرها بالنوعية من حيث موقع وبيئة العمل.
انشغلوا لعدة أيام في ترتيب وأخذ حاجياتهم وذكرياتهم وإنجازاتهم المرغوبة معهم هناك، وأراهم اليوم جالسين في المكان الجديد بكامل أناقتهم ورونقهم، كأنهم أشخاص وأناس جدد غير الذين كنت أعرفهم.
كنت أنا من آخر المنتقلين وذلك لحاجة العمل. أثناء خروجي الأخير تفقدت المكان والمكاتب من حولي، تغير علي المنظر، أمسى مكانا مختلفا، أوراق متناثرة وكتب هنا وهناك، هي نفسها التي كانت مهمة ولا يمكن الاستغناء عنها سابقا، باتت على سطح الأرض وقد وطئتها الأقدام والإهمال.. لماذا؟
بالأمس غطت الضحكات والابتسامات الممرات والجدران في نفس هذا المكان، حتى رائحة العطور الفواحة تحولت إلى عبق الأتربة والرطوبة. وداع لا يليق بهذه العشرة الطويلة التي تفوق أعمار بعضهم، فعل محزن تركنا كل شيء لا نريده فيه، تحول من مصنع الإنجازات إلى مكب للذكريات البالية.
وذهبنا لنصنع ذكريات غيرها هنا في الموقع الجديد، تركنا لمكاننا القديم لا يعني انه بات دون فائدة. عِشرة طويلة يتوجب احترامها والنظر إليها بإجلال، سوء تقديرها ينعكس علينا ويشوه من صورتنا. قد أعود وأضع وردة بيضاء على طاولتي حتى يشفع لي مكتبي الذي مكثت وقضيت فيه الكثير من الأوقات.