من منا لا يخاف النهاية الحقيقية حين يودع الدنيا بمن فيها، تاركا وراءه كل شيء، تاركا من ربى وعلم وجلس ينتظرهم السنين الطويلة، تاركا ماله وبيته ومصدر ومنبع ذكرياته ليبقى وحيدا مع عمله الصالح بإذن الله.
وفعل الترك يكون من طرفين، الأول هو فقيدنا رحمه الله وغفر له، والآخر نحن أهله ومن شارك أو كان له دور في أحد سيناريوهات حياته وذكرياته. الظروف هذه المرة صعبت الفراق أكثر من المعتاد بكثير، لم نستطع أن نتركه ونودعه بما يليق به، للأسف تركناه وودعناه بجانب سماعة هواتفنا، التعازي اختصرت في كلمات بدلا من الوقفات والأحضان والدموع التي تبلل أكتافنا في ذاك العناق المؤلم.
رحمك الله يا عمي، إنه الموت في زمن كورونا. عند هذه الفقرة وقفت كثيرا، توقف قلمي عن النزيف، لأنه كلما اقتربت من صاحب الموضوع من ناحية الصلة والدم صعب التعبير والحديث عن ذلك .
توفي ولم نستطع حمله وإيصاله إلى حياة البرزخ، لم نستطع حتى أن نصلي عليه والوقوف مع أبنائه في صف واحد نستقبل المعزين في صف واحد، لنساندهم ونخفف عنهم في ظل ما حل بهم.
موعدك الجنة بإذن الله يا عمي، وعسى الله أن يرحم موتى زمن كورونا وجميع موتى المسلمين.