هناك أشخاص مروا علينا في حياتنا يصعب أن يتكرروا، وحصل معي أنا وسيحصل معك أنت وأنت وأنتم، بأن هناك أشخاصا يتصرفون على طبيعتهم الخالصة وبشخصياتهم الخالية من الشوائب التي تسلبك وتلقي عليك بسحرها.
أذكر كلماته معي وخطواته ومواقفه الحكيمة، لم تكن كثيرة تلك الخطوات والكلمات، لكن تأثيرها يبقى ولا يختفي بسرعة، لها أعراض جانبية تبقى معك ولا تزول، ذلك الكلام الذي يحكيه ويلقيه على مسامعي، أشعر بتفاعل كلماته في نفسي وفي بعض الأوقات التفت الى وجوه الجالسين معي في نفس المجلس لأرى ذلك التفاعل معهم، لكنني غالبا لا أراه!
تقدم به العمر الآن «بوخالد»، أخذ منه الزمان نصيبه لكنه أقوى منه لأن ما أخذ منه ليس سوى الشيء البسيط فقط. ولايزال في نظري تلك الشخصية «البصمة»، التقيته واقتربت منه قبل حوالي العقدين من الزمن، ولا أزال أراه في ثياب الشباب والقوة.. لأنه كذلك.
يجمع كل الصفات مع بعضها يخلطها بتركيبة صعبة، له حكمه الخاصة أيضا ولعل أشهرها: «لا تشارك حتى شريكة حياتك»، كونه رجل أعمال فكان دائما ما يردد علينا هذه الحكمة التي لابد أن تتردد خلفها ضحكات الحضور. فهو يقف ضد الشراكات العائلية في مجال الأعمال حسب تجاربه الكثيرة.
أجلس إلى جانبه مثل التلميذ الذي لا يرغب في أن يفوته درس من دروسه، حتى لحظات صمته تعني لي شيئا، أقول لك هذه المرة، وأريد منك أن تسمع مني لأنه حان دوري الآن، التلميذ الذي أصبح أستاذا، أنت ما زلت تعطي ولا أظن أن الزمن سلب منك ذلك «لن يستطيع»، أنت تعطي كل يوم.. كل ساعة.. وكل دقيقة، بذورك التي زرعت صارت أشجارا باسقات تتساقط ثمارها في كل مكان.