Note: English translation is not 100% accurate
للكرامة طعم مر!
السبت
2006/9/16
المصدر : الانباء
نجاح في عملية تلخيص الموضوع
حدث خطأ، الرجاء اعادة المحاولة
لا يوجد نتائج في عملية تلخيص الموضوع
بقلم : عامر الهاجري
انقلب هارون الرشيد على البرامكة وهم اخواله، وعاش ـ بعد العز ـ في ذل، من بقي منهم على قيد الحياة. وحصد محمد علي مؤسس الدولة المصرية الحديثة المماليك في مذبحة القلعة وهم الذين وثقوا به وساهموا في وصوله الى سدة الحكم.
ومات شاه ايران في الشتات بعد ان اهمل شعبه ووثق بالولايات المتحدة التي تخلت عنه بعد ان رأت انها لا تستطيع حمايته، كما انها لا تريد ان تخسر الحكام الجدد.
وانتحر أو قتل عبدالحكيم عامر بعد ان زاد نفوذه ولضرورة ان يكون هناك من يتحمل مسؤولية ما سميت بالنكسة وهي تجميل لكلمة هزيمة، وبالطبع لا يستطيع القائد الأوحد في ذلك الوقت ان يعلن ان سبب الهزيمة هو انشغاله بنشر ثورته والقضاء على معارضيه، فضحى بصديق عمره ورفيق دربه وجعله كبش فداء ليونيو المشؤوم.
وبين الأول والثلاثة عاش المتنبي مكافحا يكاد ينتزعه طموحه من السير على الأرض متنقلا في ارجاء البلاد الاسلامية باحثا عن منصب يعتقد انه يستحقه ولكن من يملك هذا الطموح والفكر والشخصية التي ترفض الخنوع لا يمكن ان يعيش مع مثله فطرده سيف الدولة وهرب من كافور الاخشيدي، لأمر شرحه في قصيدته المشهورة عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد وقتل المتنبي طموحه المشروع ورغبته في دخول التاريخ ـ وقد دخله من بوابة العظماء ـ عبر الحكم.
ان يربط الانسان مصيره بفكر أو عقيدة فهو أمر راق حــــتى لو كان هذا سببا في نهاية حيـــاته الماديـــة فسيظل خالدا في ذاكرة التاريخ والــــشرفاء، ولكن لأن المسميات لم تعد كما هي والحقائـــق اصبـــحت متعــــددة الألوان، الجميع يراها حسب قوة عينيه أو عقله، ولأن طعم الكـــرامة مر لا يصبر عليه أي أحد، بينما الخنوع والذل والبقـــاء في ظل من يتحكمون بأموالهم في مصائر الناس هي البديل الســهل الذي يوفر مقومات البقاء محمودا ومقدرا بين مجتمع يعتبر الكذب مجاملة والصدق اهانة ولا يفرق بين اللعاب والماء السلسبيل.
يا ترى كم «متنبي» يعيش بيننا في هدوء يقتله زمانه كل يوم ولكنه سعيد لاحتفاظه بكرامة لم يعرفها قفة!