الروح الوطنية من أقوى الأسلحة الشرسة التي يمكن أن نتمسك بها للدفاع عن الوطن ضد كل ما سيؤدي إلى تفتيت الوحدة الوطنية التي يسعى إليها الجميع.
فنجد أن د.عبدالكريم بكار في كتابه «إدارة الثقافة وقضايا معاصرة» الصادر عام 2010 في مصر، يقول: «انهارت الدولة العثمانية، ولم يكن ذلك الانهيار بسبب الضغوط الاستعمارية من الخارج أو الأخطاء التي ارتكبت في الداخل فحسب، وإنما كان هناك شيء جديد بالغ الأهمية في هذه القضية، وهو بروز رباط سياسي جديد ذي جاذبية شديدة،، وهذا الرباط وإن كان لا يساعد على بناء امبراطوريات جديدة أو ترميم امبراطوريات قائمة، لكنه يشعر الأفراد بأنه يقدم لهم فرصا واسعة للمشاركة السياسية أو فرصا للتخطيط للمستقبل العام لبلادهم على نحو لا يُقدمه النموذج التركي المستند إلى آليات تقليدية في الإدارة والعلاقة بالمواطنين. هذا الرباط أو النموذج الجديد يتجسد في «دولة المواطنة». ويضيف بكار أن «دولة المواطنة» تنطلق من أرضية ثابتة في العالم الغربي، فبعد مخاض طويل في أوروبا وصراع مرير ومستمر على سلطة الكنيسة جاءت «دولة المواطنة» لتعيد تأسيس العلاقة بين الشعب والحكومة على قواعد ومفاهيم جديدة».
ويتابع بكار قائلا: في دولة المواطنة ليس هناك أي معنى ذي قيمة ـ حسب المعلن ـ لأخوة العقيدة أو وحدة الملة، وليس هناك اهتمام بانخراط المواطنين في مبادئ ومُثُل واحدة، كما هو الشأن في التربية الاجتماعية والسياسية في الإسلام، وإنما ينصرف الاهتمام كله إلى توليد درجة عالية من الولاء للقانون ولدولته، بالإضافة إلى تأسيس معنى الحرية على أوسع نطاق بوصفها أصل المواطنة، وتأكيد معنى الأخوة الجديدة، والتي تقوم على الاشتراك في الحقوق والواجبات الواحدة والموحدة بغض النظر عن الانتماء العقائدي أو العرقي أو اللغوي.
ويكمل د.بكار: ان دولة المواطنة لا يخضع فيها الفرد ولا الطائفة ولا المجموعة إلى قوانين ثابتة وأبدية تحدد موقفه الاجتماعي أو السياسي، وإنما يتم إيداع مبدأ المواطنة ومتطلباتها من خلال كل شخص في الدولة دون استثناء أو وصاية من أحد داخل الإطار الاجتماعي.
من هنا، مطلوب منا جميعا حماية الهوية الوطنية الكويتية، التي تجتمع فيها سمات الأمة والشعب والحزب والفرد من دون تفريق بينهم، أي ان هناك في الهوية الكويتية أطيافا من مختلف المكونات، هذه الهوية تأسست من الفعل الحقيقي على أساس الدولة والقبيلة واللغة والمهنة والطائفة، بحيث في آخر المقام يكون لكل إنسان ذاته وهويته وفكره الذي يختلف فيه عن الآخرين.. لذا يجب أن نهتم بالهوية الوطنية وحمايتها، كما أننا نسعى في الوقت نفسه إلى حماية صحتنا من الأمراض الفتاكة في الجسم الإنساني. فاكهة الكلام: يقول أحد الحكماء: «عظمة عقلك تخلق لك الحسّاد.. وعظمة قلبك تصنع لك الأصدقاء»
[email protected]