شاهدت البعض المتحمس من أبناء القبائل يصف الكراسي الـ 23 التي يدعى أنها حشدت لإعلان عدم التعاون مع الحكومة بأنها كراسي العز، ولم يتبق إلا كرسيان ويدعو النواب من أبناء القبائل لملء الكرسيين المتبقيين.
واستغربت أن توصف هذه الكراسي بكراسي العز، فالسياسة واللعبة السياسية لا يوجد فيها مثل هذه المصطلحات وكذلك هو واقع الحال، فهذه الكراسي ملئت بممثلي الأحزاب والتيارات السياسية ومن أجل قضاياها، فكتلة العمل الشعبي التي ولدت بعد أن فقد رئيسها ومؤسسها رئاسة المجلس منذ ذلك الحين وهي تعارض وتؤيد أي معارضة وتوتر وتؤزم من أجل الوصول لحل مجلس الأمة من أجل تجديد استعادة الرئاسة رئيسها كرسيه، وما جعلهم يقاتلون هذه المرة هو إعلان رئيس المجلس عدم رغبته بالترشيح لدورة أخرى، فهذه الكتلة عندما تركب تلك الكراسي فهي لديها أهداف ومصالح تريد تحقيقها.
وكذلك كتلة التنمية والإصلاح فهي ومنذ تأسست تريد رأس الوزارة بأي طريقة وتحت أي ذريعة ويريدون أيضا حل المجلس بأي وسيلة فمنهم من قال إن هذا المجلس إذا أكمل عمره القانوني فإنها كارثة.
و«حدس» التي فقدت وجودها في الحكومة إلا من واحد بعد أن كانت الداعم الأول للحكومة منذ مجلس 92 عندما كان وزراؤها يسرحون بالوزارات وكانوا لا يهتمون بالموالاة ولا الحكوميين ولكن انقلبت الأمور بعد أن تقلص عددهم.
أما «العمل الوطني» وهم المعروفون بقربهم ودعمهم للحكومة إلى وقت قريب فما كانوا ليكونوا لا في الخالدية ولا الصليبخات وما كان ليتعرض أحدهم للضرب لولا تغيير موقف الحكومة من قضية الرياضة بما يخالف إرادتهم ما جعلهم ينقلبون عليها وأيضا لمصلحة معينة.
إذن المسألة ليست مواقف عز ولا وطنية ولا علاقة للعز والوطنية بها بل هي مصالح وأهداف يريد كل فريق أن يحققها وهذه طبيعة العمل السياسي.
ومن هنا يأتي السؤال الصعب الذي أوجهه لاخواني وأهلي من أبناء القبائل المتحمسين، أين هي مصلحة القبائل في مناطحة السلطة؟ وقد قلت بالأمس إن ما أغضب أبناء القبائل هو تطبيق قانون تجريم الانتخابات الفرعية وصدور قانون المرئي والمسموع، وهذان القانونان من أقرهما هو هذه الكتل والتيارات وهما غير مطروحين على طاولة البحث، بل ولم يتحدث عنهم أحد لا من قريب ولا من بعيد بل ان أغلب هذه الكتل عندما ضرب بعض أبناء القبائل قالت هو تطبيق للقانون ووقف بعضهم مع وزير الداخلية، ولكنهم عندما ضربوا هم لمخالفة القانون أيضا ها هم يصرخون ويعلنون الحرب على الحكومة.
والغريب أن نجد هذا الشباب المتحمس من أبناء القبائل معهم بالرغم من ان هذه التيارات كانت ضدهم بإقرار قانون تجريم الفرعي وضدهم في عدم إلغائه وضدهم في عدم تعديله ليكون عقبة أمام اختيار ممثليهم وعصا يرفعونها في وجه أبناء القبائل عندما يهددون الحكومة بعدم التراخي بتطبيق القانون ومع ذلك ورغما عنه نرى من أبناء القبائل المتحمسين يقبلون أن يكونوا مطية يركب على ظهرها تلك الكتل والتيارات لتحقق أهدافها في تطويع الحكومة وانتزاع مصالحها منها انتزاعا وبالقوة وعلى حساب أبناء القبائل الذين لم يدركوا بعد أين مصالحهم.
ومن أجل أن يتأكد أبناء القبائل من صدق ما أقول فليضعوا شرطا من أجل الاستمرار في الوقوف مع هذه «الكتل» في عدم التعاون، وهو طرح القانونين على أن يكون في بيان علني تعلن فيه تلك الكتل موافقتها على إلغاء أو تعديل قانون تجريم الانتخابات الفرعية وتغليظ عقوبات المرئي والمسموع، فإن خرج مثل هذا الإعلان للملأ تكون قد تحققت المصلحة لجميع أطراف كتلة إلا الدستور ويكون الجميع متساوين في المغرم والمغنم، أما أن تكون الكتل الفائزة بالمغنم والقبائل تتحمل المغرم فهذا ما لا يقبله منطق ولا عقل.
وأربأ بإخواني وأهلي أن يكونوا بموقف كهذا وعليه فإنني أقول بملء فمي ومن أعماق قناعتي ان هذه الكراسي «عدم التعاون ان تجاوزنا المصطلحات السياسية» قد تكون كراسي عز ولكن لأصحاب المغنم والغرم ولكنها ليست كذلك أبدا بالنسبة لمن سيدفع الثمن ولكن لن يحصل على شيء البتة وأفضل وصف يطلق عليها بالنسبة له هو كراسي التبعية وخدمة العبد لسيده وهذا ما أرفضه وأطالب إخواني وأهلي بأن يرفضوه وأطالبهم باستغلال الفرصة السانحة لإزالة ذلك القانون سيئ الذكر قبل فوات الأوان.
[email protected]