في كل عام يقوم مجلس الأمة مشكورا وعبر لجنة الميزانيات والحساب الختامي بإطلاع الشعب الكويتي على حجم التجاوزات في جميع الأجهزة والوزارات الحكومية والتي تفوق في كل سنة مالية ملايين الدنانير كلها من الخزانة العامة للدولة، كما انه يقوم في كل سنة رغم كم هذه التجاوزات المهولة بإقرار ميزانيات هذه الوزارات والأجهزة الحكومية المتجاوزة دون أي إجراء رادع لها أو لقيادييها أو وزرائها لتقوم هذه الجهات نفسها بالتجاوز مرة أخرى في السنة التالية، وهكذا!
ولعل ما صرح به رئيس لجنة الميزانيات البرلمانية مؤخرا بأن الإطار العام لميزانية السنة المالية الجديدة لا يعكس بتاتا ما نبه عليه سمو الأمير ـ حفظه الله ـ من ضرورة ترشيد الإنفاق وطلب على هذا الأساس من سمو رئيس مجلس الوزراء ترشيد مصروفات مجلس الوزراء أولا ومن ثم بقية الجهات الحكومية.
وفي الحقيقة ان ابرز ما تناوله رئيس لجنة الميزانيات في تصريحه عن الميزانية العامة للدولة هو ترشيد الحكومة لبند المهمات الرسمية الخارجية والتي كانت في الميزانية السابقة 46 مليون دينار، حيث تم تخفيضها بالميزانية الجديدة الى 44 مليون دينار! اي تم الترشيد بنحو مليونين فقط! وبالمثل نجد ان هناك ملاحظة مهمة تتعلق بمرتبات القياديين بالدولة والتي تفوق 10 آلاف دينار حسب الميزانية الجديدة، فعلا الحكومة جادة في ترشيد الإنفاق طالما خفضت المهمات الرسمية مليونين فقط وفعلا الحكومة لديها رغبه جادة في الإصلاح لأنها لم تنفذ 559 توصية وجهتها اللجنة البرلمانية لميزانيات الجهات الحكومية لترشيد وضبط الصرف الحكومي!!
لكن أمام كل هذا ما دور مجلس الأمة؟ طبعا من مهام مجلس الأمة التشريع والرقابة وهنا نجد ان مجلس الامة قد تخلى عن رقابته المفترضة على الأداء الحكومي بينما نجده ناجحا في المهمة الأولى وهي التشريع حيث شرع لنا خلال دورته قوانين كثيرة ونراه صامتا ايضا عن توجه الحكومة لتحميل المواطنين آثار خفض أسعار النفط وبدأت الحكومة بذلك فعلا واول متضرر الموفدون للعلاج بالخارج والذي اتخذت قرار خفض نفقاتهم الى اكثر من النصف بينما بند المهمات الرسمية الخارجية للوزارات للموفدين لم يتم تخفيضه، وهي معظمها تكون اصلا مهمات كمالية لا هدف ولا غايه لها باستثناء مهام وزارة الخارجية طبعا.
لذلك على مجلس الأمة اذا كان جادا في الاصلاح الحقيقي ألا يتنازل أكثر عن مهمته ودوره الرئيسي في متابعة ومحاسبة الحكومة على أخطائها وألا يقبل ان يتم تحميل المواطن البسيط اثار العجز في الميزانية والتي سببها الحكومة التي لم تحسن التصرف في إدارة هذا الملف.
ختاما.. نأمل ان نرى من مجلس الأمة إجراءات فعلية وجادة لتقويم دور الحكومة.. ولعل ما نطالب به كشعب هو وقف البذخ الحاصل والمستمر من قبل الأجهزة الحكومة على المهمات الرسمية والدورات الخارجية والاجتماعات التي لا يستفيد منها المواطن ولا الدولة الا مجرد صرف الأموال وقبل ذلك الهبات والمنح التي تصرف هنا وهناك للدول الخارجية والتي تقدر بملايين الدنانير فهذه المنح والهبات ألا ترهق الميزانية العامة للدولة؟ ونذكر ان الدستور الكويتي نص على ضرورة توفير الحياة الكريمة للشعب الكويتي وضرورة تحقيق الرفاهية له وهذا نص صريح، كما انه نص في الكثير من مواده على كفالة حقوق كثيرة كالصحة والعلاج والتعليم والسكن فهل راعت الحكومة ذلك في توجهات ترشيد الإنفاق.. وللحديث بقية..!
[email protected]