كثير من الإجراءات التصحيحية بمؤسسات الدولة تكون فقط ردود أفعال لخطأ نتج أساسا من وضع خطأ، وبعد فترة يعود الأمر إلى سابق عهده.
في إدارة ردود الأفعال يتم انتظار وقوع الكارثة ومن ثم تبدأ الإجراءات التصحيحية، عفوا أخطأت أقصد التخديرية! ومن ثم تعود حليمة لعادتها القديمة.
يقول البعض، الحوادث والأخطاء تحدث بجميع البلدان، أقول نعم لكن النقد ليس للحادث، بل لسبب الحادث وكيفية التعامل معه قبل وبعد وقوعه.
هناك حوادث لا يمكن تفاديها كالكوارث الطبيعية فتكون الدول المتقدمة مستعدة للتعامل معها، بل ذهبت هذه الدول إلى أبعد من ذلك، من خلال وضع الفرضيات والاحتمالات للمشاكل التي من الممكن أن تحدث ثم تضع لها الحلول وتوفر المتطلبات لذلك بحال حدوث هذه المشاكل.
أما في دول العالم الثالث فينتظرون حدوث المشكلة المتوقعة بسبب عدم اتباع الإجراءات الصحيحة ثم يبدأون باتخاذ الإجراءات التخديرية، آسف أقصد التصحيحية!
يجب تغيير نهج إدارة ردود الأفعال، والبدء بوضح الحلول الجذرية للمشاكل والملفات التي أصبح الحديث عنها مملا ومكررا سواء في الصحة أو التربية والتعليم أو الإسكان أو التوظيف أو الإعلام أو الرياضة أو الثقافة أوالبنية التحتية أوالتركيبة السكانية أو الخدمات الحكومية بشكل عام أو في غيرها من ملفات مستمرة ككرة الثلج ويتم التعامل معها بسياسة ردود الأفعال.
أضرب مثالا واحدا والأمثلة كثيرة في تجهيز المدارس في بداية كل سنة دراسية.
كل سنة نسمع نفس الأسطوانة من التذمر من نظافة المدارس، أو نقص وأعطال في المكيفات أو الكراسي والطاولات، فتبدأ بعدها التصريحات، من المسؤولين وبث التطمينات، على نهج إدارة ردود الأفعال.
للأسف أستطيع أن أقول إن كثيرا من المشاكل الإدارية في الدولة مفتعلة، من أطراف لها مصالح ضيقة على حساب الوطن والمواطنين، ويتم التعامل مع هذه الملفات بنهج إدارة ردود الأفعال.
فهناك تقصير من بعض أجهزة الدولة، ولكن حتى مجلس الأمة ليس بمنأى عن ذلك، فعلى الرغم من أنه شكل لجنة الأولويات البرلمانية، وكان على رأس الأولويات القضية الإسكانية، وتخيل من 2013 منذ إعلان رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم آنذاك أن 36 نائبا اتفقوا على أن تكون القضية الإسكانية عنوانا للعمل مع تقديم حل جذري للقضية بالتعاون مع الحكومة، لاسيما أنها جاءت على رأس أولويات المواطن وفق الاستبيان الشعبي الذي أجراه مكتب مجلس الأمة، وبين أنه من خلال خارطة طريق مرتبطة بجدول زمني سيتم السعي لحل هذه القضية، ومجلس الأمة سيراقب آلية تنفيذ الحكومة لاستحقاقاتها في الحل المنشود. وما النتيجة؟ أترك لك أيها القارئ الكريم الجواب.