من نعم الرحمن على الكويت وأهلها أن أنعم علينا بثروة النفط التي كانت بفضل الله تعالى وجهود أبناء الكويت أساس نهضتنا منذ بداية اكتشاف النفط في البلاد، فعاش أهلنا بنوع من الرفاهية وتطوير الخدمات على اختلاف أنواعها، كما شهدنا تحسنا في الدخل كان له الأثر الكبير في رفع مستوى المعيشة لدى المواطنين، كما أصبحت الكويت وجهة الباحثين عن العمل من جميع بقاع الدنيا.
واليوم ونحن في عام 2022 وما يشهده من نزاعات وخلافات دولية أبرزها الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا وما لها من آثار سلبية وخسائر بشرية ودمار على أوكرانيا من جهة، وتهديد للأمن الغذائي وارتفاع أسعار السلع والمنتجات المتنوعة خصوصا الذرة والقمح وأنواع المعادن من حديد ونحاس وذهب ومواد بناء وغيرها من المواد حتى السلع الكمالية لم تسلم من تأثير تلك الحرب على معظم دول العالم.
كما لا يمكن أن نبتعد عن آثار جائحة كورونا وما خلفته من خسائر على معظم قطاعات العمل والاستهلاك وإفلاس آلاف الشركات وخسارة ملايين الناس لأعمالهم خلال فترة عامين تقريبا، لم يتمكن العالم من تجاوز هذه الأزمة حتى كانت الحرب الروسية على جارتها أوكرانيا، والتي رغم أنها ما زالت في بدايتها إلا أنها كانت ذات آثار مؤذية على الاقتصاد العالمي كون روسيا وأوكرانيا من كبار منتجي الحبوب والمعادن في العالم، إضافة إلى قدرات روسيا في مجال الطاقة وفي مقدمتها النفط والغاز وتأثير نقصهما على اقتصاد أوروبا والعالم.
وربما يفرح البعض في ارتفاع أسعار النفط وبالفائدة التي ستعود على الكويت ودول الخليج والدول المنتجة للنفط بشكل عام، إلا أن ذلك لا يكون إلا من خلال الاستغلال الأمثل لفروقات الأسعار والاستفادة من الزيادة المتوقعة والناجمة عن ارتفاع سعر برميل النفط في مشروعات حقيقية واستثمارات ذات عوائد سريعة ومناسبة، وبما يسهم في تخفيف الأعباء عن المواطنين وتحسين مستوى معيشتهم والابتعاد عن كل ما يمكن أن يمس جيوبهم بحجة ارتفاع الأسعار عالميا.
ولعلنا مع كل أزمة تحدث في العالم نتساءل عن وضعنا، وما الإجراءات المتخذة لضمان الأمن الغذائي وتوفير المخزون من جميع المواد الاستهلاكية والسلع الضرورية، وما الإمكانات الزراعية والصناعية المتوافرة في البلاد، وما مدى قدرتها على تلبية احتياجات الناس وحمايتهم من رفع الأسعار بصورة مصطنعة وغير منطقية؟
من أهم أسس الاستقرار في العالم توفير الأمن الاقتصادي وضمان أقل قدر من تقلبات الأسعار خصوصا في السلع الاستهلاكية الضرورية والتي في مقدمتها الحبوب والأدوية والمنتجات الحيوانية.. وهنا يبرز دور المنتجين الحقيقيين من المزارعين ومربي الثروة الحيوانية والصناعيين وغيرهم.