هناك خلط دائما بين السايس والسياسي، ولكن لنتعرف على من هو السياسي ومن هو السايس لنعرف الفرق بينهما إن وجد.
نعم قد تكون المادة اللغوية واحدة، وقد تكون الفكرة العامة متطابقة، وقد يكون الشكل متشابها، فكلاهما يسوسان ويسايسان من أجل الوصول لنتيجة معينة، لكن عندما نذهب للتفاصيل سنجد الاختلاف الجوهري بأوضح صوره، والتضاد الكامل كامنا بين هذه التفاصيل.
***
السياسي هو: من يعمل في السياسة، ويهتم بإدارة الشؤون العامة وتنظيمها، ويراعي حقوق المواطنين ويساهم في خدمة وطنه وممارسة أعماله الوطنية بكل مواقعها، هو إنسان يتعامل مع الإنسان وجميع قضاياه وكل ما يتعلق بحياته وكرامته.
السياسي هو من يتحمل هموم الأمم الثقافية والاجتماعية والسياسية.
السياسي هو إنسان اجتماعي بالضرورة وجماعي لا يستطيع أن يعمل بشكل فردي أو منفردا.
السياسي ليس له وجود منطقيا وعمليا إلا من خلال الكيانات الجماعية (السلمية) التي من خلالها وبمساعدة أعضائها، يحاول خلق بيئة مناسبة للعمل وتحديث أدوات ووسائل التأثير والتغيير والتطوير المجتمعي.
السياسي غالبا ما يعمل على الملفات والقضايا بشكل مجرد بغض النظر عن صاحب هذا الملف وأطراف تلك القضية ولكنه معني بكل تأكيد بفحوى جميع الملفات وجميع القضايا.
السياسي ليس ديبلوماسيا كما يعتقد البعض ولا يجب له اللعب على الألفاظ من اجل تحسين شكل الواقع السيئ وتزييف الحقائق، بل يجب أن يضع يده على الجرح ويلامس كبد الحقيقة من أجل الوصول للتشخيص الدقيق الذي يؤهله لوضع العلاجات الصحيحة والملائمة لكل موقف وكل أزمة.
السياسي ليس كما هو متعارف عليه بين العوام أنه شخص انتهازي أو أنه غشاش و(بكاش) ويلعب بالبيضة والحجر.
السياسي يجب عليه أن يحترم العقول بتعاملاته ويحاول الإقناع بخطوات عملية واضحة المعالم ومحددة الأزمنة وتحمل ضمانات حقيقية وليس وعودا (غيبية) فقط، كما يجب أن يكون التمرحل بها محددا ومحدودا.
السياسي يجب عليه مخاطبة الجموع بخطاب سياسي جمعي يقود به المجتمع بشكل جماعي،
ولا يجب لهذا السياسي الذي يعمل من خلال كيانات جماعية أن يعزز العمل الفردي أو ينقاد لأفراد مستقلين، مهما اعتقد بمكانتهم الدينية والعشائرية وحتى الفكرية، ولا يجوز لأي سياسي مهما كانت أدواته «ميكافلية» أو كانت نواياه حسنة أن يستخدم التقسيمات الاثنية، سواء كانت عنصرية أو طائفية أو طبقية أو فئوية.
***
أما السايس أو السائس فهو: رائض الدواب ومدربها الذي يعنى بها ويدبر أمورها وهو المسؤول عن رعايتها، هو إنسان يعمل بشكل منفرد وفردي ومنعزل عن المجتمع والاجتماعات والتجمعات ولا يحتاج للصخب بل ان الصخب حتما يفسد عمله،، وطبيعة عمله تحتم عليه التضليل والخداع كاستخدام العصا والجزرة في بعض المناسبات أو تكميم الأعين «للابل السواني» أو للخيول ودواب الزراعة في الحراثة وغيرها.
قد يشتبه على البعض الخلط بين السايس والسياسي بسبب التشابه اللغوي، وكذلك بسبب «البكباشية» في العهد العثماني السابق، والبكباشي هي رتبة عسكرية عثمانية قديمة كان يعنى متقلدها بالأمور اللوجستية للجيوش وتحديدا وسائل النقل المتمثلة آنذاك بالبغال والخيول والإبل.
***
ولكن شتان بين الاثنين، فالسياسي في أسوأ حالاته يتعامل مع الإنسان، أما السائس فإنه في أحسن حالاته يتعامل مع الحيوان.
[email protected]
hammad_alnomsy@