قضيت الأسابيع السابقة في حالة متابعة للساحة الكويتية وترقب لما سيحدث كما نتابع المسلسلات حلقة تلو أخرى، ولكن الفرق أنه في بعض الأحيان تكون أحداث المسلسل مملة وبطيئة، ولكن الأحداث على الساحة الكويتية وبكل الأصعدة المحلية والخارجية والسياسية والاقتصادية، وهلم جرّا، ساخنة إلى درجة الغليان ولدرجة أنها أحيانا ولكثرة انبعاث أدخنتها السوداء تفقدنا القدرة على الرؤية الواضحة فتضطر لإغماض عينيك لدقائق وإعادة فتحهما من جديد لعل الرؤية تصبح أوضح ولكن للأسف لاتزال الرؤية ضبابية والعينين حمراوين.
سؤال واحد لم يفارقني لماذا تغيرت الشخصية الكويتية حتى أصبح لدينا نموذجان قديم وحديث، صحيح أن التغير سنة الحياة، ولكن ما ألمسه هو انقلاب تام بالشخصية، ناقشت من أثق برأيهم واستمعت لآرائهم وخلصنا الى ما سأورده في مقالتي وباختصار، الشخصية الكويتية الأصلية شخصية شفافة محايدة تميل للتعقل وهدوء الحال، تحترم من حولها ولديها موازين متأصلة بداخلها تطبقها عند أي مشكلة تمر عليها شخصية تميل للعمل والكفاح متجددة ومبتكرة ولا تقف أمامها العقبات، محبة لوطنها ومتمسكة بكل الثوابت، أما الشخصية الحديثة فهي تميل للكسل، عاشقة للمال والسلطة سليطة اللسان تريد أن تفصل القوانين حسب مصالحها الشخصية متذبذبة الرؤى الوطن بمفهومها يعنى تحقيق لمصالحها فقط لا غير.
الاختلاف الواضح بين الشخصيتين تجلى بعد احتلال الكويت فهناك خط فاصل بين ما قبل عام 1990م وبعده، خط غريب غير مرئي فصل بين الأشخاص والأحداث فأصبحنا نتحدث عما كان وما حدث وكأننا نتحدث عن عالمين منفصلين تماما، بعد الغزو تغيرت التركيبة السكانية للمجتمع وبدرجة سريعة مذهلة وتزايدت حالات التجنيس العشوائي والتزوير ولم يكن للحكومة موقف جاد أمام هذا التحول المريض، فالتخاذل الحكومي أصبح سمة الحكومات المتعاقبة وساعدهم ضعف أداء الوزراء وخوفهم على كراسيهم فانقلبت الموازين وأصبح للسلطة التشريعية القوة وانقلب الحال من دولة مؤسسات إلى نظام سلطة القوة بالتهديد وطول اللسان في البرلمان ومع الوزراء ووسائل التواصل الاجتماعي والبرامج الإعلامية مع تزييف مقصود للحقائق وتجرأ بعض الأعضاء للتدخل في صلاحيات السلطة التنفيذية وتمادوا وبمرور الوقت أصبح تركيزهم على مصالحهم الذاتية وكسب قواعدهم الانتخابية فصالوا وجالوا في الديار وأفسدوا وخربوا.
ثبت الفساد جذوره في البلد وأخرج رأسه بوقاحة وأصبح الوضع كور مخلبص أمام كل وطني وملتزم وضاق صدر المواطنين المخلصين وكفر البعض الآخر بكل المعاني السامية التي ورثوها، وفريق وجد أن الكعكة دسمة جدا وعليه اقتناص الفرصة وقضم ما يستطيع قبل فوات الأوان.
الوطن هو الوجود، هو الماضي والحاضر والمستقبل ونحن ككويتيين لا نريد أن نكفر بالإصلاح ولكن نريد تشكيلا حكوميا قويا ذا رؤية واضحة، وأتمنى أن يحبوا الشعب بصدق وتتركز رؤيتهم على النهوض بالبلد وبكل القطاعات وحفظ أمنه وحقوق كل مواطن ليعيش بأمان حقيقي في وطنه ويتمتع بخيراته.
حفظ الله الكويت من كل مكروه.
[email protected]