جلسة قصيرة مع نموذج من شبابنا الرائع منهم حملة شهادات جامعية ومجموعه أخرى لايزالون على مقاعد الدراسة خرجت منها بصدمة من المخاوف والاحباطات الكثيرة التي يعيشونها من الحكومة بكل قطاعاتها ومن المستقبل الذي يكتنفه الغموض الداكن، صورة مؤلمة وبالذات عندما أقارنها بالنظرة المشرقة التي عشتها أنا وأبناء جيلي ومن أتي بعدنا للحياة والعمل والدولة.
يملك الشباب وعيا بالأحداث المحلية والعالمية وتطوراتها ويعيشون الخضم السياسي في البلد بكل صراعاته، أطروحاتهم دقيقة وتحمل مخاوفهم التي تتزايد مع كم الأخبار السلبية.
القضية ليست فيروس كورونا وخسائر الحكومة والقطاع الخاص إنما هي قضية إدارة للدولة واقتصادها في ظل تزايد قضايا الفساد وسرقة المال العام وانخفاض أموال الأجيال القادمة، فالفاسدون والحرامية أصبحت لهم سلطة قوية في البلد وتغلغلت جذورهم في مفاصل الدولة وتزايدت أعدادهم مع شعور عميق بالأمان للأسف الشديد، ويمكن تصنيف حرامية الكويت لثلاثة أقسام صنف دخل للمجال بحكم وظيفته البسيطة التي استغلها للحصول على دخل إضافي، وصنف آخر ذو مركز وظيفي مميز وقد يكون من أعضاء البرلمان وبحكم مركزيهما أصبحا من أصحاب الدخل العالي والله العالم مصدر هذا الدخل المتزايد وهكذا تتم النقلة الجبارة من المستوى المحدود أو المتوسط إلى الثراء المفاجئ، أما الصنف الأخير فهم من طبقة الملاك والأثرياء، ولكن للمال سحر خاص جميل وزيادة الأرصدة ستسعدهم بالتأكيد فلا يهمهم الوطن ولا المواطنون وطبعا الأمور الدينية هي كلمات تحفظ لوقت الحاجة المهم أن تتضخم حساباتهم أكثر وأكثر وتتنوع في بنوك العالم.
إن ما يجمع فاسدي الكويت بكل أنواعهم ليس البحث عن لقمة العيش إنما التمتع بالرفاهية والوجاهة بين كل معارفهم، فالصنف الأول اجتهد في تدليل نفسه حسب الإمكانيات، أما بقية الأصناف من الفاسدين فسكنوا القصور وفي أغلى مناطق الكويت وامتلكوا السيارات الفارهة واليخوت والساعات الباهظة الثمن وغيرها من الأملاك داخل الدولة وخارجها.
الشعب الكويتي شعب واع جدا ويستطيع التمييز بين المجوهرات والساعات الأصلية والمزيفة، كما يمكنه تحديد أسعار العقارات في الكويت والكثير من دول العالم وينجح في معظم الأحيان في تقديم السيرة الذاتية للآخرين، وهو ما يرسم أمام أثرياء الفجأة علامات استفهام عديدة تخطتها الحكومات السابقة بلامبالاة غريبة وكأنها تعطي الإذن للجميع بالسلب والنهب، وهذا ما شجع على التمادي فكثرت أعدادهم وثبتوا أنفسهم في جميع مراكز الدولة، ومع زمن الأنانية لم تعد الكويت ولا سمعتها تهم عباد المال فمن أمن العقوبة أساء الأدب.
مخاوف الشباب من المستقبل تحبط حماسهم للعمل والإنتاج مما يعطل الطاقة الإنتاجية ويؤخر تحقيق الطموحات، فهل يملك سمو رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد العصا السحرية التي ستعيد للدولة ازدهارها وللشباب ثقته؟ أتمنى ذلك.
[email protected]