نتساءل بحرقة: هل هناك مجال للبسمة؟ بعد هذه الأحداث العاصفة في العالم.. من قتل وتشريد وحروب طاحنة ودماء تسيل كالأنهار وأمراض فتاكة، وآخرها وباء كورونا القاهر، وبعد التمزق الكبير الذي طال المجتمعات، وبعد هذا التفكك الأسري الذي نراه طافحا في المجتمعين الغربي والعربي! وبعد تفشي الغل والحقد والحسد في القلوب، والتي تحولت إلى قلوب قاسية، وتسببت هذه القلوب في حرق كل ما هو جميل! فبعد كل هذه المتغيرات والتحديات المؤسفة وغيرها من الأحداث الداعية للحزن.. نتساءل ونتساءل: هل لايزال هناك مجال للبسمة؟!
إن ما يمر به العالم من تراجع في منسوب «الفرح والبهجة» بسبب جور الإنسان وانتهاكاته الصارخة، يجعل القلب يقلق ويقلق ويقلق، فكلما قرر الإنسان أن يبقى باسم الوجه فرحا! رأى ما بين أحداث الحياة ما يكدر خاطره، وينتزع خيوط البسمة من تفاصيل الوجوه التي تتمنى التبسم وتتطلع إليه في كل موقف! ونحن هنا لا نحمل نظرة سوداوية نحو الحياة، ولكن مع كل أسف كل شيء في وقتنا الراهن ـ كما يبدو للمتمعن ـ يدعو إلى قتل روح البسمة والفرحة! وهذه الحالة غير الإيجابية هي نتاج تصرفات الإنسان العبثية في كل نطاقات الحياة المختلفة، فالإنسان هو من يعكر صفو الإنسان من خلال استجابته لنداءات النفس الشيطانية، الداعية إلى زراعة حالة الحزن في أرجاء الحياة وأجوائها!
ولكن رغم كل هذا، ورغم هذه الأحداث القاتلة للبسمة، على الإنسان أن يعيش حالة من الأمل، وأن يحاول جاهدا وبكل ما أوتي من قوة وفرصة أن يغرس بذور البسمة في أفواه الزمن الحزينة، فالاستسلام للواقع «الباكي» هو تصرف لا يليق بالقلوب التي تحمل شيئا من الأمل والإيمان، لذلك لنحاول صناعة البسمة رغم ما يعترينا من آلام وآهات، ولعل الزمن الباكي بسبب إصرارنا وثباتنا يتحول إلى زمن باسم!
وفي نهاية المطاف.. أقول بعض الأبيات وكلي أمل أن يعيش هذا الكون بحالة من البسمة حتى يرتاح وجدانه، وتتحقق بعد ذلك طموحاته، والتي لن تتحقق إلا بتوفير حالة من الأريحية، ووجود البسمة هو أمر دال على توافر تلك الأريحية، لذلك فلننافح ولندافع من أجل إيجاد البسمة.
فأقول بالفصحى:
سأبقى باسم الوجه سأبقى
رغم ما أجني من الدهر وألقى
أمتطي خيل السعادات وأسمو
أرسم الأفراح في الجو وأرقى
وأقول بالمجال النبطي:
ابتسم، واضحك، وسولف، وابتهج
لو على كتوفك هموم كايدات
همك الكايد، يهون، وينفرج
يرحل الماضي.. وتزين المقبلات
انتهج طبع الشجيعين انتهج
كابد الدنيا.. وتحلى بالثبات
@hanialnbhan