إن من أعظم الأرزاق.. نيل أسمى الأخلاق، فالله سبحانه وتعالى يقسم الأخلاق على الخلق كما يقسم غيرها من الأرزاق المختلفة، وأعتقد أن من أعطاه الله حظا وافرا من الأخلاق فكأنه حاز أعظم قسمة ونصيب بتلك الأرزاق، وقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، فمكارم الأخلاق من أهم المقاصد التي حث عليها ديننا الحنيف.
وبما أننا في ذكر مكارم الأخلاق فإن قلمي سيجرني عنوة إلى ذاك الرجل الذي تصدر عنوان مقالي، ذاك الرجل الذي أبهر كل من عرفه بدماثة أخلاقه، انه رجل عزيز كبير، انه مبارك ناصر الساير، بومحمد، اسم إذا حل ذكره عندي فإن ذهني مباشرة يستذكر خلق التواضع.. وخلق الطيبة والنقاء وسمو النفس واحترام الآخر، وهذه السمات الطيبة لم يخزنها ذهني عبثا أو بالمصادفة، فلقد رأيت بأم عيني هذا الرجل طيب الذكر حسن الخلق الذي يبهر كل من عرفه، فمجلسه العامر يحضره الغني والفقير والكبير والصغير والكل يجد التقدير والاحترام والاهتمام دون تمايز، وهذا التعامل لا يصنعه إلا أهل المعدن النفيس، فتعود أبو محمد أن يعامل الناس حسب ما يملكون من أخلاق وليس حسب ما يملكون من جاه أو مال وهذا هو مقياس أهل القلوب النقية التي لا تحمل الكبر والتعالي في جوفها، فإذا حل الضيف وجد الابتسامة تسبق الترحيب وسمع الكلام الذي يشرح الصدر والبال، وهذه الأخلاق الطيبة ليست بغريبة على عائلته الكريمة فلقد توارثها من جده محمد الساير وأبيه العم ناصر الساير أمد الله في عمره وأعطاه الصحة والعافية، فأنعم بهذه الأسرة وأنعم بأبنائها الذين أحببناهم لأخلاقهم النبيلة التي ندرت في هذا الزمان.
ومن المواقف التي أذكرها ولا أنساها لأنها ظلت عالقة في ذهني، حين فقد مبارك ناصر الساير فلذة كبده ابنه فيصل في حادث سير قبل أكثر من أربعة أعوام تقريبا، نسأل الله أن يجعل مقره جنات النعيم، فلم يجزع لما قسمه الله، بل كان يحمد الله ويشكره على ما قدر وكتب، وكان كالجبل الأشم ثابتا ويسأل الله الصبر والتثبيت، ومع شدة الألم والموقف في المقبرة فإنه في كل لحظة يقول الحمد لله على كل حال، وهذه من سمات المؤمن الصابر، وذاك المصاب الأليم قد أحزننا جميعا وآلمنا، فنسأل الله أن يصبر قلبه وأسرته على فقد فيصل وأن يطرح البركة في محمد وإخوانه، ولله ما أخذ ولله ما أعطى، وكلنا على هذا الدرب سائرون.
فيا أبا محمد.. ما كتبت مقالي هذا تزلفا أو أرجو شيئا، وأنا أعرف أنك كفؤ ولا يصدر منك التقصير وفيك المروءة والشيمة، بل كتبت المقال هذا لأنني قاطع عهدا على نفسي بأن أثني على من يستحق الثناء والذكر لكي ننهل من طيب تصرفاته وحسن أخلاقه، وأنت من الأخيار النجباء في بلدنا الطيب الذين يستحقون الثناء والإطراء، فيا أبا محمد.. ما دمت كما ذكرنا في هذا التواضع الجم والخلق النبيل فأبشر فإن الله سيزيدك خيرا فوق خير، وتوفيقا فوق توفيق، ولن يخذل الله قلبا نقيا أبدا بل يزيده سعادة ونورا.