نردد دائما أن الاستجواب حق دستوري لنواب الأمة، ويعتبر أداة لتصحيح الاعوجاج أو معالجة تجاوزات معينة والعمل على إصلاحها.
وأنا مع كل استجواب يسير وفق الأطر الدستورية حسب الأولوية وعلى مبدأ «الأهم ثم المهم» ولكننا نرى البعض يستخدم تلك الأداة لمصالحه لأهداف مرسومة أو للابتزاز السياسي أو من أجل بطولات وهمية للترضيات وأجندات مكشوفة لإسقاط شخوص بعض الوزراء من دون النظر لتصحيح أي اعوجاج في وزاراتهم، ولو أردنا تسليط الضوء على بقاء التجاوزات فهي أشهر من أن تذكر، ومع الأسف ان هذا النهج بدأت ملامحه تظهر على سطح الساحة السياسية المحلية في مجالس الأمة في الآونة الأخيرة.
حتى نوضح أكثر، الاستجواب سهل جدا مادامت تقارير ديوان المحاسبة مثقلة بالتجاوزات والمخالفات الإدارية والمالية لكل أو معظم وزارات ومؤسسات الدولة، ما يجعل الوزير دائما مهددا، وتلك التقارير هي كفيلة باستجواب أي وزير، على اعتبار أنه لا توجد وزارة تخلو من المخالفات سواء كانت تجاوزات إدارية أو مالية، وحسب تقرير ديوان المحاسبة يستطيع أي عضو معرفة اكثر جهة حكومة وزيرها يستحق الاستجواب لمجرد اطلاعه على تلك التقارير ونتائجها، ولكن هل هذا الأسلوب هو المتبع؟!
بالتأكيد هذا الأسلوب غير متبع، والمتبع الذي نشاهده في بعض الاستجوابات هو أسلوب الاستهداف المزاجي أو الشخصي، وهذا ما رأيناه مع الأسف في الاستجواب الأول للوزير الشيخ سلمان الحمود، عندما اشتدت أصوات طرح الثقة من اجل رفع الإيقاف الرياضي، قام وقدم استقالته، ولكن السؤال: هل نجح النواب في استجوابهم من خلال إعادة النشاط الرياضي، أم أن الأمر كان مجرد رحيل وزير بشخصه وبقيت المشكلة؟!
واذا نظرنا الى استجواب الشيخ محمد العبدالله مع كل الاحترام للإخوة المستجوبين، هل محاور الاستجواب كانت هي الأهم من بين تجاوزات الوزارات الأخرى لو تمت المقارنة الصحيحة حسب الرقابة السليمة؟ واذا كان استمرار تعيين مستشار يشكل رأيا عاما لنجاح الاستجواب، فلماذا السكوت عن تجاوزات مئات التعيينات من المستشارين في الوزارات الأخرى ومنها تعيينات كانت حديث الرأي العام في وسائل التواصل الاجتماعي، هل نسيتم أم تناسيتم؟!
وأيضا اذكركم بأن إحدى الصحف نشرت عن تجاوزات بمئات الملايين في احد الملاحق الصحية التي صرفت دون سند قانوني، وشكلت لها لجنة، فماذا حصل؟!، أليست هذه كفيلة بالاستجواب لحماية المال العام بدلا من وظيفة المستشار الوافد؟!
لماذا السكوت عن التجاوزات الجسيمة هو الذي يتسيد الساحة، والصراخ يعلو على تجاوزات لا ترتقي للمساءلة السياسية مقارنة بجهات أخرى تجاوزاتها لا تعد ولا تحصى؟ وهذا يجعلنا نضع مئات من علامات الاستفهام في وقت الكل يعرف حالة الصراع السياسي وتوجهاته المكشوفة!
[email protected]