مع المرور بمراحل مختلفة من العمر وأنت متجرد من المحسوبيات والتبعية، فإنك حتما ستكون حرا برأيك وفكرك، وسترى ما لا يراه الآخرون خاصة ممن يسيرون خلف مصالحهم الضيقة السالبة لحقوق الآخرين، وحتى لو كان على حساب وطنهم وكرامتهم.
قد تخسر مصالح دنيوية فانية كالمال والمناصب والعقارات داخل البلاد وخارجها لكن ستكسب نفسك وتقديرك في المجتمع.
عندما نسمع عن قضايا تجاوزات وعمولات وتحالفات مالية هنا وهناك ومنح يشيب لها الرأس وأراض استثمارية ومزارع ومناصب قيادية وغيرها من الخيرات المجانية نتيجة استخدام النفوذ السياسي، وفي الوقت نفسه نسمع عن إصلاحات اقتصادية تمس حياة المواطن البسيط وتحمله عبئا ثقيلا أقسى مما يحمله نتيجة سوء إدارات سابقة غير مخلصة كان همها الوحيد الحفاظ على كرسي المال والنفوذ، عند ذلك سنجد أن حياة كثير من المواطنين مهددة بالفقر في المستقبل، وهذا ما لا نتمناه أن يحصل في بلد الخير.
أما فيما يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية، فمن حق الحكومة أن تضع إصلاحات اقتصادية لتقليص الميزانية بما يتناسب مع حالة الدولة المالية بعد أزمة كورونا، لكن عليها أن تبدأ بالكبير أولا حتى يتقبل الصغير الوضع إذا ما احتاج الأمر من أجل وطنه، أي تبدأ أولاً بتقليص ميزات أصحاب المناصب العليا وفرض ضرائب على أصحاب الشركات العملاقة والعقارات والمناقصات وأصحاب الأسواق الاستثمارية والحرفية والصناعية، ومن ثم تأتي وتطالب المواطن البسيط بأن يقبل ببعض الإصلاحات التي ستمس راتبه المتواضع وهو لا يستطيع أن يتحمل أكثر من طاقته.
غير منطقي أن كل عثرة اقتصادية أو هزة مالية تحدث نتيجة أخطاء حكومية يتحملها المواطن البسيط من خلال قرارات غير مدروسة وغير منطقية، فهذا يدل على وجود فشل في الإدارة وعدم وجود حلول حقيقية لتخطي الأزمات، كما يثبت أن المواطن هو المستهدف رغم أنه الحلقة الأضعف، ما لا نتمناه هو أن تتخذ هذه الحكومة نهج الحكومات السابقة، الأمر الذي سينعكس سلبا على إدارتها وعلى حياة المواطن صاحب الدخل المحدود.
لذا، أرى أن نجاح الحكومة الراهنة يكمن في اتخاذها نهجاً مختلفاً عن نهج الحكومات السابقة خاصة في ظل الأوضاع الراهنة، وإذا كانت هناك إصلاحات اقتصادية فإننا نتمنى ألا تكون على حساب المواطن البسيط حتى لا يقع فريسة قرارات غير منطقية.
[email protected]