بعد ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية التاسعة والخمسين بصورة شبه رسمية وحسم السباق بين مرشحي الحزبين الديموقراطي والجمهوري، إذ ترمز صورة الحمار للحزب الأول بينما ترمز صورة الفيل للحزب الثاني فإن التوقعات المستقبلية السياسية الأميركية يجب ألا تخضع للعواطف وحسابات اللغة والثقافة العربية لأننا أمام أكبر دولة في العالم، وما يربطنا بها ليس التزامها الدولي الوحيد بل إن الحسابات شديدة التعقيد مع الصين وآسيا وأوروبا ومع الاتحاد السوفييتي وهناك العديد من الملفات الشائكة قد لا يكون ملف الشرق الأوسط في مقدمتها.
والعجيب أن ترى الآن الكثير من التعليقات على الانتخابات الأميركية وكأننا الشغل الشاغل لأي رئيس أميركي وأن الشرق الأوسط على قمة اهتماماته حتى قبل القضايا الداخلية.
وقد نرى أن بعض المحللين السياسيين يتناسون دور المؤسسات في رسم ومتابعة السياسات الخارجية ويعتقدون أن الرئيس يستطيع أن يصنع موقفا بمجرد جرة قلم أو بعد تصفيق حاد ومتواصل من الآن وحتى استلام الإدارة الجديدة واستقرار أدائها حيث ان الولايات المتحدة الأميركية ستكون مشغولة في الحسم والفصل بين أنصار كل من الفيل والحمار، وهي مهام ليست بسيطة أو سهلة لأن الأمر لا يتعلق بانتخابات فرعية بل بانتخابات رئاسية في أكبر دولة بالعالم وبأعقد نظام انتخابي وبعد منافسة محمومة.
وإن كانت بعض أصوات المحللين ستتناول موقف الحزب الديموقراطي أو موقف الحزب الجمهوري من قضايا سابقة في الشرق الأوسط فإن لغة المصالح هي اللغة السائدة دائما في العلاقات الدولية سواء كان أحد أطراف العلاقة من أي من الحزبين سواء كان الديموقراطي أو الجمهوري.