أدت الإجراءات المشددة للتعامل مع «كورونا المستجد» واحتواء الجائحة إلى ملاحقات سواء للمرضى أو المخالطين، وإجراءات لم تخل من الوصمة والتمييز والاقتراب من حدود الخصوصية وغيرها من حقوق الإنسان الأساسية.
قد تلتمس الجهات المسؤولة لنفسها بعض المبررات وقت اتخاذ الإجراءات والتعامل مع «الحالات» دون الاهتمام لتداعيات قصيرة أو بعيدة المدى على المرضى ومخالطيهم، ولذلك قد تستمر الوصمة والتمييز لفترات أكثر من اللازم وتطارد المريض السابق حتى بعد ثبوت تمام شفائه وعودته للحياة الطبيعية والعمل، ولكن الوصمة والتمييز قد تستمران بعد ذلك.
وإن لم تنتبه الجهات المختصة إلى التصدي للوصمة والتمييز بسبب كورونا وغيره من الأمراض السارية، فإن تداعيات ذلك قد يصعب حصرها وترصدها والتعامل معها، وقد تصل ممارسات الوصمة والتمييز إلى انتهاك حقوق الإنسان وهو ما نبهت له المنظمات الدولية وأكدت على ألا تتضمن إجراءات التصدي للأوبئة ممارسات تمييزية أو وصمة ومن ثم يصبح على مختلف الدول ألا تنسى البعد المتعلق بحقوق الإنسان في سياساتها وإجراءاتها لاحتواء والتصدي لكورونا لأن تقارير حقوق الإنسان الدولية لا تغفل هذا البعد المهم والعلاقة بين الصحة وحقوق الإنسان وهي علاقة وثيقة ومتشابكة وأكدتها المواثيق والاتفاقيات الدولية الملزمة للدول والتي يجب تنقية التشريعات الوطنية من أي نص قد يتعارض معها.
ويجب أن يكون للمتخصصين والنشطاء في حقوق الإنسان أصوات مسموعة في العلاقة بين الصحة وحقوق الإنسان في جميع الأوقات ومن بينها في وقت التصدي لكورونا المستجد.
ويجب على المتخصصين وضع البروتوكولات الداعمة للتصدي للوصمة والتمييز وتأهيل الضحايا والمجتمع والتوعية قبل أن يعاني المجتمع من ممارسات تمييزية واعتلالات بالصحة النفسية ما بعد كورونا المستجد، حيث إن الصحة النفسية لها أهمية كبيرة للاستقرار النفسي والسلوكيات السليمة والأداء والإنجازات بما فيه مصلحة المجتمع وأفراده.