قرأت ما أدهشني وأدهش غيري تحت هذا العنوان «تخصيص المستشفيات»، فقد تضمنت الكلمات بصراحة وبدون مواربة أن الخدمات الصحية مقبلة على تغييرات جذرية ويخطئ من يظن أنها لن تمس جيب المواطن أو حياته أو صحته ولا يمكن الاقتناع بما كتب دون دراسات وأدلة علمية، فهل خصخصة الخدمات الصحية لأسباب سياسية أو لأسباب إدارية أو اقتصادية؟ ومن الذي توصل إلى العلاج بالكي عن طريق الخصخصة التي يروج لها بصراحة؟ وماذا عن البعد الاجتماعي للخصخصة من تجارب الدول الأخرى؟ ولماذا لم تنشر الدراسات العلمية المبررة للتصعيد إلى مثل هذا الدواء العلقم وهل هكذا تدار الأمور؟
وما موقف الجامعات ومراكز البحوث وأصحاب الخبرات؟ وما موقف نواب الأمة إزاء ما يتم تسريبه عن وصول قطار للخصخصة إلى آخر المحطات وهي الخدمات الصحية والتي تعتبر ملاذ المواطن البسيط؟ إنني أدعو إلى قراءة متأنية لما ينشر عن أضخم عملية هيكلة في تاريخ الخدمات الصحية بالكويت وما تفصح عنه التفاصيل من أمور لا يجب الانفراد في أخذ القرارات المثيرة بها مثل خصخصة الخدمات الصحية بدون مبررات علمية مقنعة حتى للبسطاء لأن الصحة ليست سلعة تجارية يتم التعامل معها بهذا الأسلوب.
كما أنني أدعو الزملاء الذين يتابعون ما يحدث ويتأهبون لدخول المنافسة لعضوية مجالس إدارات الجمعيات الطبية إلى قراءة المشهد والتوجهات جيدا وأن يفصحوا بشجاعة وموضوعية عن مواقفهم التي يجب أن تكون معلنة ومسموعة لأنهم شركاء في المنظومة الصحية التي قد تسير إلى اتجاهات غير متوقعة إن لم يعل صوت الحكماء والمتخصصين على أصوات أصحاب المصالح والمتطلعين لما يحيط بالخصخصة من صفقات يسيل لها اللعاب وفقا لتجارب الدول الأخرى التي لم تدرس الأمور وقتها وكما ينبغي إنسانيا ومهنيا واقتصاديا.
ومن الأسئلة المطروحة في هذا الصدد، هل قانون الخصخصة يسمح بأن تمتد ذراع الخصخصة إلى الخدمات الصحية وما موقف نواب الأمة؟ وهل لدينا نظام الحسابات الصحية الوطنية القادر على تزويد متخذي القرارات بالبيانات والمعلومات المناسبة لاتخاذ قرار الخصخصة المفاجئ؟
وما قدرات القطاع الخاص وإمكاناته الحالية وفي المستقبل القريب؟ ومن المثير فيما نشر أن وزارة الصحة ستنتقل من دور المشغل إلى دور المنظم والمراقب على الخدمات الصحية ولا أعرف الجهة التي تستطيع القيام بذلك وما مقومات التنظيم والمراقبة التي ستقوم بها؟ أعتقد أنه لا يجب نقل نماذج جاهزة من مجتمعات غريبة عنا دون تفكير حتى لا نعض أصابع الندم والحسرة وندفع الثمن باهظا من حياة وصحة الأجيال القادمة وما زلنا نتطلع إلى تفسير ممن يجب عليهم الحديث بشفافية وشجاعة لإيضاح الحقيقة عن هذا الموضوع.