سائق التاكسي في أي دولة هو صورة المجتمع بموروثاته وثقافته وأحلامه وعندما نحاول تذكر نماذج من سائقي التاكسي في الدول المختلفة نجد الدليل واضحا حيث إنني قرأت كتابا عنوانه «حواديت المشاوير» للصحافي خالد الخميس والذي يحوي مجموعة طرائف من سائق تاكسي وهذه الفكرة جديدة إذ إنه تم تسجيل الحوارات مع سائق التاكسي دون رتوش وكأنها مسرحية كوميدية مسلية.
وهذا الكتاب يعكس الكثير من الأمور والقضايا والنوادر بأسلوب بسيط وقد أضحكني الحوار الذي دار بين شخص يحكي عنه سائق التاكسي أنه وجد مصباح علاء الدين فقام بفركه وظهر له الجني يسأله: شبيك لبيك ماذا تريد؟ فقال: أريد مليون جنيه فأعطاه الجني نصف مليون وعندما احتج الشخص وسأل عن الباقي فقال له الجني: إن المصباح شراكة مع الحكومة والحكومة تأخذ 50% من كل المعاملات مما أذهل من كان يطمع في الحصول على المليون من المصباح.
وإن كل صفحة من صفحات الكتاب فيها إيحاءات منقولة عن سائق التاكسي وهو أشبه بمسرحية واقعية تتكرر أو قابلة للتكرار في المجتمعات والدول المختلفة التي تتوافر فيها أجواء حرية الرأي والتعبير وكذلك فإنه يمكن معرفة الأحوال المعيشية للمجتمع من خلال مظهر سائق التاكسي مهما كان عمره.
وأحيانا قد يكون سائق التاكسي جزءا من منظومة أمنية خفية يصعب الوصول إلى أطرافها بل قد يكون سائق التاكسي في حقيقته أحد أطراف منظومة قمعية وينتهي المشوار مع الراكب إلى ما وراء الشمس.
ويبقى أن نحيي سائقي التاكسي لما يقدمونه للراكب على عجالة من ثقافة وطرائف تخفف أحيانا من عناء ووحشة الطريق وأحيانا يكون البعض هما سخيفا بسبب أسلوب سائق التاكسي ويرغب الراكب في الانتهاء منه بسرعة والوصول إلى وجهته.
وهناك العديد من الطرائف التي أفصح عنها سائق التاكسي فلن يثق أحد به بعد ذلك ولن يركب معه أحد لأنه سمح لنفسه بكسر حواجز الخصوصية مع الركاب دون الاهتمام بمبادئ السلوكيات والأخلاقيات.
وبعد أن قرأت معظم الكتاب وضحكت على بعض الحوارات التي ذكرها فإنني رأيت أنه صدر في عام 2011 ومازال صالحا للقراءة والضحك وهذه ميزة الأعمال الورقية على الأعمال الرقمية الإلكترونية أو التغريدات التي قد لا تحتفظ برونقها طويلا.
ونصيحة مني لا تفتحوا أي حوارات تدخل ضمن الخصوصية مع أي سائق تاكسي لأن الخصوصية ستخترق إما مع ركاب آخرين من خلال أحاديث سائق التاكسي أو نشرها في أحد الكتب أو وسائل التواصل الاجتماعي مستقبلا.