عندما كنت في الولايات المتحدة الأميركية لأول مرة سمعت أحاديث عن أن بعض المستشفيات تفتخر بأنها معترف بها (Accredited) وكان حصول أي مستشفى على الاعتراف يعني أنه مستشفى موثوق به من جانب المرضى وأنه سيستقطب العديد من عقود التأمين الصحي والتي يكون مردودها الإيجابي على رواتب وحوافز الأطباء والعاملين بالمستشفى.
وكان الاحتفال بحصول المستشفى على الاعتراف أشبه بعرس كبير يحرص المستشفى على إقامته على أعلى مستوى والإعلان عنه لأنه في الواقع يعني تسويقا لجودة الخدمة في المستشفى.
وعندما سألت عن الجهة التي تمنح هذا التقدير للمستشفى اتضح لي أنها جهة مستقلة ومحايدة وتضم خبراء مستقلين ولا سلطان عليهم وتقوم لعدة أيام بفحص وزيارة المستشفى ومراجعة سجلاته واللقاء مع المرضى والعاملين قبل إعطاء شهادة الاعتراف والتي من الممكن أن تجدها داخل برواز أنيق في مدخل المستشفى إلى جانب حرص المستشفى المعترف به على كتابة ما يثبت حصوله على الاعتراف في جميع مراسلاته ووضع اللوجو الخاص بذلك.
وبعد عدة سنوات بدأت وزارة الصحة في الكويت بالإعلان عن تطبيق نظام الاعتراف بالمستشفيات، حيث عادت بي الذاكرة لما عشته ورأيته في الولايات المتحدة الأميركية ولكن اتضح لي بعد ذلك أن التجربة الكويتية بتطبيق الاعتراف بالمستشفيات تختلف كثيرا عن النماذج العالمية التي يتم تطبيقها في الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من البلاد المتقدمة وقد يرجع ذلك إلى أسباب لا نعرفها ولكن ما نعرفه جميعا هو أن أي تقييم مستقل ومحايد يبعث على الثقة يجب أن تقوم به جهة خارجية مستقلة، ومن غير المقبول أن تكون الوزارة هي الخصم والحكم في آن واحد نظرا لأن إحدى إدارات الوزارة مهما كان بها من خبرات لا تستطيع أن تقوم بتقييم المستشفيات تقييما عادلا ومستقلا، والحل هو تطبيق النماذج كما هي في الدول الكبرى للاعتراف بالمستشفيات من خلال جهة مستقلة ومحايدة وموثوق بها إن كانت لدينا النية الصادقة لإصلاح الخلل في المستشفيات والقطاع الصحي وخصوصا أنه مع تطبيق برنامج عافية للتأمين الصحي فمن حق المتقاعدين أن يطمئنوا إلى أن المستشفيات حاصلة على الاعتراف كما هو في الدول المتقدمة وحتى لا يصبح المرضى حقولا للتجارب في مستشفيات لم تحصل على الاعتراف العالمي.