الديموقراطية هي شكل من أشكال الحكم يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين على قدم المساواة إما مباشرة أو من خلال ممثلين عنهم منتخبين في اقتراح وتطوير واستحداث القوانين وهي تشمل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تمكن المواطنين من الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي. وأكثر ما نسمعه الآن في الأوساط المحيطة بنا وعلى جميع المستويات هو كلمة الديموقراطية التي يتشدق بها الجميع في خطبهم وفي لقاءاتهم وفي الدواوين وأحاديثهم الرنانة ويصفق لهم الجمهور عند سماعهم عن الديموقراطية وحقوق الإنسان وقد يكون التصفيق قبل فهم وإدراك المعنى الحقيقي والمضمون.
إن ممارسة الديموقراطية في مجتمعاتنا العربية وللأسف الشديد تحولت في معظم الأحوال إلى فوضى وتعدي سلطة على أخرى بل أدت هذه الكلمة إلى عرقلة المشاريع الكبرى والتخلف عن ركب التقدم والحضارة الحديثة بسبب الفهم الخاطئ والممارسات غير الناضجة للديموقراطية والتقليد الأعمى للغير.
إن الشورى من مبادئ الحكم الرشيد في الإسلام وهي جوهر الديموقراطية الحديثة ولكن للأسف تعلقنا بالديموقراطية اسما وتركنا الشورى، قال تعالى: (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون) الشورى - 38.
إذا كانت الممارسات غير ناضجة في بعض الدول وأدت إلى الدمار لمجتمعاتها، حيث عمت الفوضى بسبب الفهم الخاطئ للديموقراطية، فلذلك وقبل فوات الاوان لابد أن نقف بصدق مع النفس ونحاسب أنفسنا عن فهمنا وممارساتنا للديموقراطية المستوردة ونرى ماذا حصدنا وماذا خسرنا، وهل تحقق بالصراخ والصراعات ما حققه غيرنا من تقدم وتنمية وأمن اجتماعي وصحي؟ أم أن الصراخ والصراعات والخطب الرنانة أدت بنا للمقاعد الخلفية وبجدارة بين الأمم والشعوب؟ ولا بد من وضع تعريف جديد للديموقراطية وأساليب ممارستها في المجتمع قبل ضياع أممنا وشعوبنا وانتشار الفوضى والتخلف ويجب أن نعالج أنفسنا من إدمان الشعارات المستوردة واستخدامها العشوائي دون تفكير أو تدبر. فالديموقراطية ليست رعونة في استخدام الأدوات الدستورية وليست صراخا صاخبا وليست مزايدات شعبوية وليست أداة لتنفيذ أجندات خفية وليست كي الجميع بنيرانها التي يتفنن البعض بإشعالها لتصفية حسابات شخصية تحت ستار الديموقراطية وليست إهانات متبادلة بين السلطات المؤتمنة على مصالح الشعب وكأنها حلبة ملاكمة أو مصارعة حرة بين هذه السلطات فلننظر حولنا على امتداد الحدود ونفكر مليا وبصدق ونحاول أن نجد لأنفسنا مخرجا آمنا من هذا النفق المظلم الذي وضعنا أنفسنا بداخله بسبب التقليد الأعمى لغيرنا فأصبحنا أضحوكة العالم.