عندما تتبنى الدولة سياسة التكويت والتأكيد على إعطاء الكفاءات الوطنية دورهم الطبيعي في مقدمة الصفوف بجميع التخصصات والقطاعات فإن استقالة أي شخص من الكفاءات الوطنية من موقعه يترتب عليها تأخير تطبيق خطط وسياسة التكويت بما يترتب عليه من اختلالات بالتركيبة السكانية لصالح الوافدين.
وإذا كانت استقالة القيادي أو الموظف الكويتي من عمله الحكومي تقع ضمن حقوقه وسياساته وقراراته الشخصية المشروعة إلا أن للوطن حقوقا على أبنائه ليكونوا في المقدمة وليتولوا زمام المسؤولية في المواقع المختلفة، وقد تكون استقالة الموظف الكويتي من العمل الحكومي بسبب تلقيه عروضا مجزية للعمل في القطاع الخاص وهذا يعتبر تطورا إيجابيا في سوق العمل ولصالح القطاعين الحكومي والخاص، أما أن تكون استقالة الموظف الحكومي بسبب التسلط الوظيفي من رؤسائه بالعمل أو بسبب الفساد في بعض المواقع أو الروتين القاتل للطموح في العمل الحكومي فإنه يجب على الدولة أن تتدخل لبحث أسباب استقالة الموظفين الكويتيين من العمل الحكومي بجميع الوزارات والمواقع وعدم قبول استقالة أي موظف كويتي إلا بعد مقابلته من قبل مسؤول رفيع المستوى ومناقشته حول أسباب الاستقالة والمتاعب في العمل والتي قد تكون سببا وراء اتخاذ قرار الاستقالة والعمل على حل المشاكل أو التعسف الذي كان السبب في الاستقالة إن وجد.
وفي حالة بعض المهن والوظائف فقد يكون من المناسب عدم قبول استقالة الموظف الكويتي إلا بعد الاطمئنان إلى وجود البديل الكفء القادر على تحمل المسؤولية حتى لا يحدث أي خلل بالعمل، وعندما نفكر في تداعيات استقالة مدير إدارة أو مدير مستشفى أو وكيل مساعد أو رئيس قسم من حيث عدم وجود البديل المدرب وصاحب الخبرة والقادر على استمرار العمل بالمؤسسة دون حدوث فراغ أو خلل فإن من يدفع الثمن هو المراجع وقد يكون المراجع معاقا أو مريضا يجد نفسه أمام مؤسسة يديرها المبتدئون بعد أن يهجرها المستقيلون من الكفاءات الوطنية الذين تركتهم الدولة دون كلمة شكر أو تقدير أو مجرد مقابلة لمعرفة أسباب الاستقالة.
ويدخل فن التعامل مع الاستقالات وخصوصا من الكفاءات الوطنية ضمن استراتيجيات وسياسات إدارة وتنمية الموارد البشرية وهي أهم عناصر التنمية الشاملة التي أعتقد أنها لا تغيب عن فكر ورؤية القيادات في جميع وزارات الدولة وخصوصا مع ما تواجهه من انتقادات بسبب تضخم الاعتماد على الوافدين وعدم وجود رؤية وسياسة للاستفادة من الكفاءات الوطنية وعدم التفريط في الثروة البشرية الوطنية.