مراكز البحوث المستقلة لدعم اتخاذ القرارات في معظم دول العالم المتقدمة تقوم بدراسات مستقلة ومتخصصة من آن لآخر وتقوم الجهات الرسمية باتخاذ قرارات مستندة إلى نتائج هذه الدراسات في مختلف التخصصات والمتابع للتقارير الإعلامية يدرك ذلك بسهولة ويدرك قيمة استناد القرارات على دراسات من هذه المراكز المتخصصة والتي لديها إمكانيات لإجرائها وباستقلالية تامة.
أما في مجتمعاتنا فإن البديل عن تلك المراكز هو الدواوين وجلسات شاي الضحى والتي تؤثر في متخذي القرارات أو تتخذ القرارات كردود أفعال لما يروج له بوسائل التواصل الاجتماعي للضغط على المسؤول ودفعه لاتخاذ قرار أو ثنيه عن اتخاذ قرار آخر فتكون النتيجة قرارات عشوائية تذهب ادراج الرياح ويلغيها المسؤول الجديد. يجب علينا ونحن ننطلق لتحقيق رؤية صاحب السمو، حفظه الله ورعاه، لكويت المستقبل أن تكون القرارات مستندة إلى دراسات علمية متخصصة من جهات مستقلة ولديها القدرة على إعداد هذه الدراسات بأسلوب علمي وبعيدا عن أي تأثيرات وعندما نتبنى ثقافة اتخاذ القرارات المبنية على الدراسات المستقلة فقد لا توجد حاجة إلى وجود جيوش المستشارين الذين يقضون معظم أوقاتهم في البحث عن مبررات لإرضاء المسؤول أو لإقناعه بقرارات غير صائبة.
وهناك وللأسف الشديد العديد من الأمثلة لقرارات مصيرية كانت تكلفتها باهظة بسبب عدم دراستها قبل اتخاذها، كذلك فإن الأخذ بهذا المبدأ العلمي سيتيح الفرصة لجامعة الكويت بما تزخر به من كفاءات للقيام بدورها التنموي من خلال قيام أقسامها بالكليات المختلفة بمسؤوليات المراكز المستقلة لإجراء دراسات دعم اتخاذ القرارات وستصبح البحوث والإمكانيات البحثية موجهة لخدمة خطة التنمية من أجل كويت المستقبل ولن يكون هناك مجال أو مكان للقرارات العشوائية أو المزاجية. وعندئذ قد نجد الطريق الممهد للوصول إلى ما نتطلع إليه لتحقيق رؤية صاحب السمو التي لن تتحقق إذا استمرت القرارات العشوائية ولا بد ان نهتم بإعداد وتأهيل مراكز بحثية مستقلة متخصصة لدعم اتخاذ القرارات بجميع التخصصات والإعلان عنها وجعل خدماتها متاحة وميسورة أمام متخذي القرارات على جميع المستويات وتشجيعهم على الاستفادة منها. وقد تكون لبعض جمعيات النفع العام إمكانيات القيام بدور مراكز البحوث المستقلة لدعم اتخاذ القرارات بما تتمتع به من استقلالية وثروة بشرية من المتخصصين. وأرجو أن تكون البداية من الصحة والتعليم ونبدأ ثقافة وأسلوب القرارات المستندة الى دراسات علمية مستقلة ومحايدة فقد تكون العلاج الناجع لمتلازمة العشوائية بالقرارات، وقد تضع حدا لمافيا المستشارين غير المستقلين وغير المتخصصين في العديد من مفاصل الدولة.