شهادة الحق أمرها عظيم عند الله سبحانه وتعالى، إذ أوجب أداءها وحرم كتمانها ولم يترك الإسلام للإنسان حرية الاختيار في الشهادة، حيث إن من يتركها يعتبر آثم القلب، وقد قال تعالى: (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم) البقرة: 283.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «الا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» فإذا كتم الشخص الشهادة فيأثم قلبه وإثم القلب يؤدي إلى انحراف البدن.
ولأن القلب هو محل اكتساب الآثام والأجور وهو محل الكتمان والمعصية، وأفعال القلوب هي أعظم من سائر جوارح الجسم فأصل الحسنات والسيئات الإيمان والكفر وهما من أفعال القلوب، فلذلك جعل الله عز وجل كتمان الشهادة من آثام القلوب لأنها تتسبب في ضياع الحق والحقيقة والظلم.
ويعتبر كتمان الشهادة من الكبائر فقد قال سبحانه وتعالى: (ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما يعملون) البقرة: 140.
وقال الله عز وجل وهو يتوعد من يمتنع عن الإدلاء بشهادة الحق: (ستكتب شهادتهم ويسألون) وهذا يدل على الوعيد بالمساءلة يوم القيامة لمن كتم الشهادة لأن كتمانها من الكبائر.
إن الظلم درجات وأشد درجة هي كتمان الشهادة ومن الأفضل أن يذهب الشخص من نفسه للإدلاء بالشهادة قبل أن تطلب شهادته وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها».
ولهذا السبب دعا الإسلام إلى ضرورة سلوك طريق الحق والعدل والإدلاء بشهادة الحق وهذا العمل هو الذي يقرب إلى الله سبحانه وتعالى.
فالشهادة لا يتحملها إلا النفوس الطيبة الصابرة والمطمئنة بالحق ولا يؤديها إلا نفوس مطلعة إلى الفردوس الأعلى تؤديها ولو غضب المشهود عليه حتى يرتدع عن الظلم.
ومن مبادئ الإسلام أنه شرع شهادة الحق وأمر بها وحث عليها ونهى عن المحاباة لأي أحد فشهادة الحق تكون لإرضاء الله سبحانه وتعالى ويجب عدم كتمانها لإرضاء الآخرين أو لأي مصالح أخرى فهي أمانة عظيمة.