عندما تتاح لك الفرصة لقضاء الساعات الممتعة في متاحف باريس وتنتقل عبر المراحل المختلفة من التاريخ والحضارة الفرنسية حتى مرحلة الحرب العالمية الثانية والاجتياح النازي للأراضي الفرنسية فإن إعجابك يتضاعف بالحضارة الفرنسية ودورها الريادي على مستوى العالم.
وليست مصادفة أن يكون المقر الدائم لمنظمة اليونيسكو هو باريس عاصمة النور والحضارة والثقافة، وهذا يطرح سؤالا مشروعا عن مدى اهتمامنا بالجوانب الثقافية في حياتنا وتوثيق التاريخ الثقافي.
وقد قرأت في تقرير لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي أن مكتبة ليدن في هولندا تحتفظ بأكثر من 300 أسطوانة شمعية تحتوي على أقدم التسجيلات الصوتية من شبه الجزيرة العربية وتوصف التسجيلات بأنها ذات قيمة كبير لأنها توثق الموسيقى والأغاني التي كانت منها موسيقى الزفاف للمرأة في شبه الجزيرة العربية.
وكانت تلك الثروة الثقافية في طي النسيان إلى أن تمكن فريق من الباحثين من جامعة هارفارد باكتشاف هذه الثروة الثقافية في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي.
وكما قرأت في التقرير فإن باحثة من الجامعة الأميركية في الكويت تدعى ليزا أوركفيش تقوم الآن بالتعاون مع جامعة هارفارد بإنجاز مشروع بحثي تدعمه وتموله مؤسسة الكويت للتقدم العلمي لكشف النقاب عن ذلك التاريخ الثقافي لشعب الجزيرة العربية وما تحتويه تلك الكنوز من نماذج عن الأغاني الكويتية والموسيقى التي كانت سائدة ويشدو بها الأجداد منذ بداية القرن الماضي.
وأرجو أن تقوم الجهات ذات الصلة بإلقاء الأضواء على هذا العمل المهم الذي تقوم به الباحثة، وأن تكون دراستها وتوصياتها منطلقا لتوثيق التاريخ الثقافي لأن رؤية كويت المستقبل لا تعني إهمال الماضي بل إن التاريخ هو الركيزة الصلبة لبناء المستقبل.
ومن المثير أن تقرير مؤسسة الكويت للتقدم العلمي يلمح إلى أن المقتنيات التاريخية موضوع البحث تتضمن في الغالب أقدم ما تم اكتشافه من تسجيلات للموسيقى الكويتية ترجع إلى أكثر من قرن كامل من الزمان.